جاكلين سلام
(سوريا/كندا)

1

جاكلين سلام

بنا شغفٌ أن نشّـتمَ الخفافيش ونلبس زيّـها
الفادح العلنية، نطمره بين مستويات اللغة
خلف حدود الجسد
نسيء الإقتراب منّا، عمداً وسهواً

2

تنبهتُ عند حكمةِ الجسد، كم عصيّ!
سمعتُ جسد امرأةٍ يبكي
كلما استيقظ َ جسدها الشخصيُّ، تنذهل
تتهالكُ السيدة مترعةً قبيل أوان الموت
لم تكن تبكي - السيدة
تمشي في الشارع، في البيت في المكتب، بائدةَ الروح
و الـ جســـــد يتبعها ويعوي
يقضّها، تحمله
وترى المقابر في كل مكان.

3

يوشك المطر أن ينهار
سأقفِلُ على الأوراق
أهبُ الجسد ميقاتاً للرّكض خارج الجدران/ تأخرتُ!
يحدث أن تتأخر الكلمات ولا يجيد الآخرُ خلاصاً
أسّتسلم لزخة صوت، لأصابع تعزف لحنَ وردةٍ غير مُعلنة
أرقص بلا وردٍ ولا أبجدية

4

بلا لغةٍ
أصبِحُ الصوتَ البدائيَّ
صراخ ما قبل الكلام
لم يكن ابتهاجاً وأغنيةً ولا رقصاً على سلالم موسيقية
رقصٌ حتى الفناء
استمطارٌ مجهولٌ من بذرة الكون
يا إله الماء والموسيقى
يا ذروة الروح إلى أين!
الوجد رقصٌ، ينثره كتابٌ - وريقات تعجُّبٍ واستفهام
الفراغاتُ أغنياتٌ تماثل طيوراً لم تكتمل أجنحتها
فأكتفتْ بأن تنقر أصابع الوقت!

5

جدلٌ يتسلّق نقصان الكلمات
وما يزال يرقب جسد كتابٍ نحن فيه
نقرأ الكتاب ذاته، في سريرين
لن يتقاطعا، بشكلٍ أو بموتٍ موضوعي
جميلٌ أننا تجاورنا في ذات الكتابة!

6

هل نكون أسطورتنا بلا سالف آلهةٍ ولا سالف جنازات؟
أُكثرُ الشكوك، لا يقين يسري في دمي
من يرسم خلوة الروح في الأبدية!
لئلا، وحين يهجرُ المهرّج
ويتوه المسرح والمشاهد والممثل والكومبارس
لئلا نكون في الجوقة
لئلا يكون الجرحُ مثيراً للموت
والحزنُ طاعناً..
وماتبقى صورٌ منتهى الخُلَّبية
لا يلزمني أن أرصّع ياقوتها المنخذل

7

أيتها الأرض، ألا بلّغيه الرسائل حين يزهر الجسد في كنفكِ
وحين ما تبقى من الياسمين والثلج والنار والنور إلى زوال
يا أنتَ الغياب- جسد الفكرة، يا الحبّ ياحبيبي:
شطراً، أم آخر كنتَ أم معصية؟!
وكم عسير أنّا على الأطياف نستند!

8

قيدٌ يلسع ما تبقى في المعصم من المسفوح وجداً
لا تنتحر.. يا شجر حبّي
لنا جسد ينجيه الوقت من عدم
يحرّره رقص
فوق دُكنة الخراب، وأدغال الذاكرة
ممتشقاً بعضه منذ بدء الخلق، متعثراً بكلِّه منذ بدء الخلق
ومنذ بدء الخلق، كنّا أكثر من رغبة في المغفرة
لحبٍ لم نُكِنّهُ كما يقتضي القلب!

9

أطراف الثوب تغطس في العتمة
تسريحة الشعر - كما أحببتُ
العطر باريسي- كما يفضّلُ
العود عربي- والنغم مترع شرقاً مجنون اللوعة
لم يكن بيت الروح على مايرام
لم يكن الجسدُ ..
عبء المسافات المجهولة - يصحو ثقيلاً
حين أنّهمر على وهلات، تتسع ثقوب الحقيقة في قلب الأوراق

10

أحدنا يحصي الأخطاء
أحدنا سيذكر
احدٌ ما، لا أدري كنهه ويتعذر عليّ أنّ أجوس ماهيته
أتمسّك بالصمت حبلا كي أنجو من احتمالات الكذب
صديقتي في سالف الفرح نهرتني: لا ترقصي!
الحشمة تقتضي أن تجلس العروس مبتهجةً بيضاء
خجولةً مبتهجةً بيضاء
شفيفة مبتهجةً بيضاء

أكان الحاضر مبتهجاً؟

11

أكتبُ: فصل الـ ج ســ د
الصمت يتيمٌ
القصيدة لا تضع يداً على الخدّ
للقتل فصول أخرى!

12

سيتبرع أحد ما بمحو ما سبق -
بفصل الـ جسد عن النص، والنصّ عن جسدي
في هذا الفراغ من الموت أشتبكُ ...
موتنا مشتبهٌ به
رقصنا مشتبهٌ به
المِحبرة مشتبهٌ بها وعليها
تتكسّر إطارت الوجهِ الواحدِ والتالي...
الأصل له في القلب تقاسيم
وصحو يوشكُ أن يشبهنا

13

بأيّ لون يا إلهي سأكتب رقصة الحب!
حاراً باذخاً وجِلاً، يتقطّر زخم القلب
الكلمة، لم نقطف وهجها فتقادمتْ في غبار الأزمنة
الوردة، لم نقطف دهشتها فتقادمتْ في غبار الأزمنة
وبما تبقى من الورد والغبار ومني،
مضيتُ ...

خريف تورنتو 2003

نصوص من المجموعة الشعرية "رقص مشتبه به"

ackleen@jackleensalam.com
www.jackleensalam.com