راسم المدهون

رغبه

راسم المدهونتلك الظهيرة التي تلوح مثل شوكة صحراوية
في البال
ما الذي يجعلها تقف هكذا في باب قلقنا؟
تلك التي تشبه دهرا من الأسى،
وروزنامة من الأيام المتأخرة في نومها ويقظتها
كيف لي أن أقنعها بالحلم،
وهي تعرف حدّ اليقين
أنها ذاتها كانت هناك
حيث لا ينبغي أن تكون
كيف أقنعها أن تلك البهجة الجارحة
لم تكن محض كلام
تجمع حروفه المخيلة الساهرة في قيظ منتصف النهار؟
كيف لي أن أكذب شوكة الرغبة
وأصدق بلاغة الظهيرة البلهاء؟

صدى

أشتاق أن أرسم الصدى
على حرير الذاكرة
وخشب الإنتظار
أشتاق أن أسمع الغياب
وهو يشرح للقلق أسبابه
ويغرق معه في جدل المكابرة العقيمة
أشتاق أن أنام
دون أن تفقد عيناي متعة مراقبة الحياة
وهي تذهب بالعابرين صباحا
الى شؤونهم اليومية الصغيرة
أشتاق أن أكون هنا
وأكون هناك
أن أنصت الى حجر النسيان
إذ يسقط ثقيلا في بئر الأيام القادمة
ويعلن من تلك القمة السحيقة في غيابها
أن مرايا الروح
تكتب كل ما لم نقله بعد
كل ما ما لم نسمع رنينه من أجراس خرساء

ندم المخيلة

فضة الرغبة الآثمة
تبرق مثل هرولة مهرة في بيداء جموحنا
أنت هناك
وأنا هناك أيضا
كيف ننسى في فوضى الحمّى والندم
أن نمسك بأيدينا الذابلة ناصية الإشتياق تلك
ونأخذها الى حقولنا التي لم تعد تملك رغبة البوح
بالعطش الى ماء الحياة الثقيل

وقتنا

ليس من صوت ولا من رنين
ليس خيالا ولا ظلال خطوة في اللاشيء
ليس أنت ولا أنا
ولكنه كل ذلك

ظهيرة

لا تصدقي كل ما يقال
لا تنصتي لكل ما يدب في محارة الرغبة من نصائح آثمة
ومن حكمة ساذجة
النوم في العسل ليس أبدا مثل النوم في قيظ ظهيرة الذبول

عبث

ليديك هذ الإرتعاش
ولشفتيك أيضا
لكلامك هذا الخفوت
ولرغبتك المثقلة الأنفاس
هذا الذهب المشغول من عبقي
حين لا تنكسر إبرة الرغبة في حرير نهديك
ولا ينام شوكها عن متعة إيقاظنا من غفوة الساعة الأخيرة
لا شيء يمكنه حين ذاك
أن يمنحنا اللغة الواحدة
لا شيء
لا فضة الكلام
ولا ذهب السكوت

ذات نبع أحبك

ذات نوبة من الكلام
أستبيح حرارة يديك
أستدرج لهاثك من هواء اللغة
الى زهرة الإشتعال
هي موجة تلاطم وجه انتظاراتنا
ترسم ملامحنا على لوحتها
ولا تنام عند شاطيء
أوتبدد ما ظل فيها من شغب
كل نبع يمضي الى رمله
كل كلام الى حانات الصمت
وحده الحب يشد على كتفيه بردة الشتاء الثقيلة
ويحدق ساهرا إلىما لا نهاية
أو محطة وصول

ذات طيف خفيف

حين تنطفيء ذبالة صدرك
وتخمد لاهية عن شغبها القديم
لا تندمي
ثمة دائما مكان ليد تشعل يديدك بالبرق
لحريق يأخذك عنوة الى جذوة لم تزل باقية على أوارها
حين تنطفيء ذبالة صدرك
وتسقط في حفرة الذكريات
ثمة يد تشبه يدي
تطلع من نافذة تأملك في شرفة المساء
كي تأخذك بعيدابعيدا في الغواية
وتقول ليديك الناهضتين من نعاس :
مساء الخير يا قرنفلة الرغبات والنشوه

برق

لغتي تتثاقل في دهاليز الكلام
أنت لا تقولين شيئا
ولا تصمتين
لغتي برق انتظار
وحريق يمنح الألفة بهاء اشتعال لم يكن في بالها
هي وردة الشوك
وزنبقة الرعشات المضمخة بالندى
وأنا هناك
أو هنا
أنا في قرارة الموجة
وفي انتحارها على شواطيء السكون
أشد يديك من همود
ومن أسى الإنطفاء
وأمضي الى بداية لا تشبه البدايات

مروحة السيدة البهية

في مسافة الحنين الى وجهها
ينتعل الصيف حذاء خطوته الثقيلة
ويحث كسله في اتجاه ليلها
لا شيء يشبهه
ولا شيء يشبهها
إمرأة الصيف والثرثرات الناعسة واللهفات المثقلة بالندم
لا يجيء وجهها ولا يذهب
لا ينتحي جانبا،
كي يقول لحزن يديها كلامه البسيط
دون أن يسقط في المراوغة والسقوط
مثل مروحة ضخمة تكنس الشوارع والذكريات
مثل مروحة من حنين
تنحني السيدة على مسائها المزدحم بالأسئلة والبكاء
تأخذه من يديه الى الجلجلة
حيث هناك بالذات
تطلق عواء قلبها
وتسقط في قرارة السكوت

إستعادات

تلك القبل التي من رذاذ الشهوة
ومن بقايا رحيقها على شفاهنا اليابسة
تلك الإشتعالات الخاطفة بانتباهاتها
وغفواتها الصغيرة
كيف نغمض عيوننا ونستعيدها
كما يمكن أن نستعيد وقع خطوة ثقيلة في ليلة قاحلة

إمرأة

أيتها المرأة التي تبكي كلما سمعت رنين قبلة
في فضاء ذكرياتها
أيتها الناسكة المذهولة من صومها الطويل
ذلك الذي بلا نهاية
الذي لم يعد أبدا يتذكر بداياته القديمة
أيتها المرأة الواقفة على رؤوس أصابعها
تتأمل العابرين والأيام
دون أن تنتبه أنها بتلك الوقفة التي تشبه رمحا في الرمال
تتسربل بالغبار والعتمة
ولا تصل بوابة الجنة

شهرزاد أخرى

لا تشبهين شهرزاد إذ توزع الحكايات على مدار الليل
ليلة وراء ليلة
فتلك تشبك الليالي بمغزل الغواية
لا تشبهين شهرزاد في دلالها
وفي مهارة البكاء سرا
بينما تحث حواس الملك كلها على الإنتباه
الى مصير"سيدة الحسن"
وقصة السندباد
أنت لا تشبهين سوى صفحة من حكاياتها
صفحة لما تزل مفتوحة على الكلام والصور