ينتابني دون أن أعرف لماذا؟
قلق طارئ
ضباب من مشاعر الحزن
ضباب يلفني كذكرى شخص آخر
كان جزءاً مني في الخفاء
فرناندو بيسوا
1
تشعر كأنك أوراق على أشجار خريفية
جوزيبّي ونجاريتي
رتق ندوب عميقة
أجلس طويلا
أمام براءة الورقة
محاذرا أن أهتك بياضها
فالقصيدة..
الكلبة تهرّ في وجهي فجأة
ولا تهبني نفسها بهوادة
لمّا أهمُّ بالذهاب مغاضبا
تتمسك برقبتي
وتمنحني نفسها عنوة
طيب..
ماذا أكتب الآن؟
مللي،
يأسي،
اشتهائي،
غضبًا كابيًا كغيم العاصفة
ما يحدث خارجي
لست معنيًا
إلا بهذا اللحن الرتيب
كتعديد الثكالى في المسرح الإغريقيّ
يهزّ روحي كأرجوحة الأطفال
ويسلم رأسي لصداع قاس ....
......................
ووحدي أقاسي ما يدعى حياة
أمشي على ضلوع هشة
ليخطو هذا الوجيب الرث
على الصباح البارد
فما يأتي ينزع حراشفي البدوية
ويلغو في تصوري
هل أحمل صخرة الميراث؟
وخصر امرأة بعيدة
ككوكب منسيّ
اتكبد الصباح المرّ
والوجوه الباهتة كشاي بارد..
صدقوني
لا أكتب لأعي الماضي الخامل
ولا أهب نفسي مبررا
لخوض حروب قاسية
لأذهب بعيدا بأعماق هذا السالم
في غياهب بيت الرعب
حيث الوحش ينتظر وليمته
حقدا وشهوة الخراب....
.............................
الصور تبرق بشراهة
كنيازك في ليل بهيم
وحده الغناء من أقصي البيت
يروي الروح بندى الحنين
يهدهد كوابيس وحشية
بلحن جنائزي
لن استمر طويلا
فعما قليل
سأسقط عن حافة الوهم
إلى هوة سحيقة
مثل كأس فارغة
تلبد عليها غبار النسيان....
.................................
احذروا اندفاعي الصاخب
كمائن بسيطة
ضرورة
كان يجب الامتثال
لمشاعرك
في ذلك الصباح الغامض
تصرخ بوحشية ذئب جائع
تنهش نهد المرأة الغنجة
كان يجب أن تنشب مخالبك
الأنيقة
بعيون الآخرين وترقص......
في ذلك الصباح يجب
الصراخ
عاااااااااااليا
رجل المطر
أنا رجل المطر
أكره اندفاعه المفاجئ
فأمشي لكمائن وجلة
المطر الذي لا يكترث بالآخرين
يرميني بالذبول
أحاذي جدرانا لا ترحب بي
الشوارع تمشي بقدمي المجهدة
وتهبني أسمائها عنوة
أنا والمطر
سيرة لا تكتمل
فتنة
حين تدهمك المرأة
بتحية الصباح
تواري تلمظ أصابعك
بغواية القص
عن مزايا وهمية
تسقط بالفخ
فتدرك مرارتك المتأنقة
تحكي للأخريات عن:
حمال عينيك
وفتنتك الهادئة
يتحلقن حولك نعاجا
مهيأة للذبح
اهتمام
غير معنيّ بما يحدث
خارج نفسي
وأركان جسدي النحيل
مطالب بالتعاطف مع:
صور الآخرين الممزقة
صراخ العجائز
والهتاف المتشنج ...
غير معنيّ
بما يحدث داخلي
وجهة نظر
1
أفكر ما الحياة؟
إن لم نلتهمها
ونشربها حتى الثمالة
فغدا يسقط الجسد
تحت عجلات الزمن
وتزهر الحياة هناك
في مكان آخر .....
.......................
الحياة
المخادعة
تتوارى خلف:
غنج الصبايا
عبق الخصوبة
وخرافة الصحراء
.....................
.....................
أفكر
ما الحياة؟!
2
رجل
من العالم الثالث
يصحو مكدسا بالوصايا
الوساوس
وصور الآخرين
لابد من أعداء متوهمين
ليبتكر دفاعه كحيوان جبليّ
يتشمم الخطر
ويتكيف تحت تقلبات الطبيعة
يصعد كلّ صباح
عشرين خريفا بصدر الصحراء
.. جزيرة
لا تلتقي بأخرى
يد مهملة
تيبس على أصابعها
غبار المصافحة
.........................
.........................
رجل من العالم الثالث
ينسحب هادئا
تأويل مشهد قديم
مشهد قديم
ولا حاجة بالنهار!
سفن تودع الأرخبيل
في الصباح إلى المجهول
صخب البحارة بخار يتلاشى
غير أن الليل يعضّ ذيل الشاطئ
فالأرخبيل الهادئ ككسرة فخار
سيعيد تأويل المشهد عاما فعاما:
حصى يلمع كعيون ضباع
رذاذ
ورائحة يود ثقيلة
على أن الماء يفجأني
حجرا لا يتبدل
يطوف الهواء
وشارعا ينحدر إلى قدمه بعنف
أين رأيت هذا من قبل؟
سنوات يبست سريعا
إذن أعيد تركيب النهار
كعلب فارغة على الرمل
أعلب عمرا طويلا
بورق الكارتون
ثمّ استيقظ في الليل كدرا
أسائل نفسي: أين سيذهب العالم
أبعد من ذلك؟
حياة بعيدة
في صباح بعيد
كنت أظنني أحيا
حياة أخرى
تشبه حياتي الآن
كنت سعيدا بتلك الحياة
ولا أبرر وجودا اعتباطيا
فالصحراء لوحة سريالية
أجهدت نفسي في طلاسمها
والمرأة رمت قلبي
على أعتاب جسدها
وتذهب للطبيب تباعا
لماذا المناورة؟
فالحياة لا تحب الورق
وسواء صدقت وغير ذلك
.............................
.............................
فلا مفرّ أمام المتناقضات كلها
هل أحتمي بالصمت؟
أنا لا أفهم حكمة المباغتة؟
لأمضي بريئا من الوقت
في هذا الصباح
أحيا حياة أخرى ...
لست سعيدا
محاولة
1
لن تذهب أبعد
لن تقدر
المتاهة تبتلعك كل صباح
وتعيدك إلى النقطة نفسها
كصفيحة كوكا كولا فارغة
تذروها الريح
تدور في الممرات
ولا تحاول الخروج عنها
ربما تكتب لتنتقم منها
الصماء تنحت أعصابك
ببرودة قاتل محايد
وتلتذّ بتخبطك الأهوج
كفأر في بيت زجاجيّ
فالعالم كوّة صغيرة في جدار
قد ينهار الجدار
فتبدأ حياة تافهة الذوبان
تفاحة عطنة يطنّ الذباب حولها
ولا تملك مفارقة الشجرة الهائلة
هذه الحياة
إلام تجرك كقاطرة بلا ربان
2
العالم مكبّ نفاية
هذا الابتكار الفذّ
للإنسان الكامل
تصفع به صباح مساء
وتمشي مترهلا طيلة النهار
تتحاشى الآخرين
عفونة مجزر تحت ثيابهم
فلا تشمئز
ولا تلو وجهك
فلست خارج الدائرة المحكمة
...........................
..........................
قنفذ أعمى
يتحسس صيده في الثرى بفمه
تندفع
ما بين البداية والنهاية
لعلك تنفذ عبر الجدار
علاقة غامضة
في وقت ما
كنت مأخوذا بهبات سعادة
لا أدرك كنهها
ما كان نشوة رائقة
دفقات من ثقة
تخترق جدار الندم
عبر فضاء مفعم برائحتي
كنت عبورا مريعا
لهاجس التردد
ريح أمام الجهات كلها
يجب تفسير ذلك ببساطة
وأنا أفكر في لمس ذاتي المستكينة
على مقعد رخامي وحيد
سأهبها من هواء النوم
أفتش جيوبها عن أسرار
أو ترّهات
أذكر غرامها بأشياء كهذه
ذلك ابتكاري الفذّ
أنا لا يدركني سوى الشجرة
أمام البيت الكائن في أيّ مكان
أو زمان
أناديها بأختي الصغيرة
أحيط خصرها النحيل
بيد محايدة
ربما همس جدار
أسند ظهري له:
إنها غاضبة اليوم
فالسماء تمطر بغزارة
أمام النفس المتثائبة
من الثقل اللامرئي
ما كان خلود بسيط يتلاشى:
الصور المنقوعة بالرأس
الكلمات التي لا توجد بمفردها
أو منفصلة عن مصيرها
الموسيقى التي تغتسل بالفراغ
الصامت
تقول الشجرة: لا تعتنِ بجذورك
كي يمكنك البقاء حرّا
إشارات بعيدة
ما هو في البعيد
لا يكفي اثنين ليقيا مظاهرة
وسكب روحيهما بالفضاء
المحاذي للشجرة الوحيدة
يسرقا قليلا من هواء النوم
فالشتاء يخاتل قلبيهما بالدروب
.............................
.............................
ثمة قبل تسقط بالرصيف
المقابل
*
أعطيت الفتاة الساذجة
فرصة جيدة لخداعك
لمّا رميت لها لفافات الورق
وخرجت مسرعا
لتغمس أذنك بالموسيقى الفاترة
..................................
..................................
حين عدت
كانت روحها تحوم في الغرفة
وجسدها يتهيّأ للزفاف القريب
*
البحر اختبارك القاسي
تمشي فوق الطحالب
المحتضرة
والصخور الجارحة
مقحما نفسك
على جمالية المشهد
لمّا تبتلّ أقدامك
تبرز تقرحات قديمة
تفسر فشلك وخداعك
الصريح
*
هناك بعيدا
روح تسير وحيدة
تبحث عن فرجة صغيرة
لتعبر الزقاق الضيق
إلى فضاء أزرق باهت
.............................
..............................
المقعد بارد عادته
ولا يسع سوى روح واحدة
ظلّ كرسيّ فارغ
1
كفان على طاولة
في الركن القصيّ
يحتضنان كوبا باردا
وينتحبان بصمت
فيما ظلان نحيلان يبتعدان
كان دفء اليدين
يشغل حيزا صغيرا
في الفراغ البارد
والمطر الذي يهمي خارجا
يغسل الرصيف من بقايا
خطوات
متباعدة
2
القصص القديمة
تنثال أمام عينيه
بشراهة
أصابته بالوساوس
ذلك أنه أصبح يحيا
مع أناس القصص القديمة
التي تنثال بشراهة
ولا يشعرون بوجوده
ككتاب مغلق
أمام شمعة تذوي
رويدا
3
روح قديمة
نحيا منذ أزمنة بعيدة:
رساما بدائيا
في كهوف الجبال
وراهبا بوذيا يمشي
حافي القدمين
وشحاذا بدروب بغداد
يحمل بيده وردة حمراء
كانت ذئبا يعوي
في البراري الموحشة
... إنها الآن
حبيسة ضلوع نحيلة
وتحنّ إلى دفء الكهف الحميم
4
تلتقط أصابعك الكسولة
وتمضي عجولا إلى الشارع
لا يعني ذلك
فراغك من المكان
فثمة شخص يجلس على الكرسيّ
يشبهك قليلا..
حين يحدث أصابعه
عن المرأة في النافذة
ويغني أغانٍ رعوية
فيفيض الماء بالشرفة المغلقة
الطيور ترحل
جهة شمال بعيد
فيفرد ذراعيه على حافة الشرفة
ويطير...
الغثيان
كلما صكّتني فكرة مطلقة
أشعر بالغثيان
ما الأفكار
والكلمات تتطاير من أفواهنا
مع فضلات الطعام
بخار يتلاشى في الفضاء الأجوف
كصفيحة بالية
الكلمات،
الأفكار
وهذا الضجيج يجلد أعصابي
كنقط الماء الرتيب
أكوام أفكار بالية
وكلمات عطنة
أحاول تفسير الأمر ببساطة
أنا أفكر بجسدي
وجسدي هو العالم
كبدوي يقينه حواسه
وهبوني قلت:
جسد المرأة فكرة مطلقة
أفككها بأصابعي وفمي
وأعيد تكوينه كلعبة الخرز الملون
...ربما ما تراه عيني
ليس ما تراه
قد يكون الملمس خادعا
كحية في ليل صحراوي
لكني لا أكذب عينيّ
وتظلّ أصابعي هي أصابعي
كلما سمعت فكرة مطلقة
يصرخ حولها الغوغائيون
والمحاربون
تبرق صورة رجل
يضاجع جثة امرأة فاتنة
في هلام كثيف
الأصوات
الكلمات
الأفكار
كل ما قيل منذ الأزل
أين ذهب؟
وما تراه عيني هباء خادع
كغبار تحت شعاع ضوء يتلاشى
في الفضاء الأجوف
كصفيحة بالية
هل أنا هباء ؟
2
ليس في مقدور أيّ شخص أن يشتري ماضيه
أوسكار وايلد
بورتريه البدويِّ
إلى متى سيظلُّ الغصن؟!
السبعة و الثلاثون خريفًا
فوق كاهله المتهدل
لم تمنحه الهيبة المرجوة
لمن يحمل حملا ثقيلا
فهو ما زال صبياً بشعر أسودَ جميل
ونحيفًا كعصا راع في بادية سيناء
وسامته الطفوليّة تلفت نظر النساء
تسقط عنه سبعة عشر عاما كاملة
أناقته البسيطة توهم الآخرين بأنه مستكفٍ
سبعة وثلاثون خريفًا فوق ظهره
أصابته ببوادر العلل:
فالنسيان المتزايد،
والاحتقان بأحشائه لا يهبه الاطمئنان
المرض هاجسه الأكبر
لا يخاف الموت
قدر خوفه من المرض الملعون:
قاهر الجبابرة
ذي اللون الأصفر
وشارب البهاء من العيون
منذ عشرين خريفا يقرأ كتبًا
أورثته الخسارة
مكتبته الخشبية مملؤة بأسفار
لم يقرأ سوى بداياتها
وزوجته الطيبة المؤمنة التي تزعجها كتبه
بما تحويه من:Sex وكفر وغموض
لا تلامسها لمجرد التنظيف
زوجته "أمينة" بطلة رواية "بين القصرين"
زادت فخاخه فخين ذكرين
" مازن ونزار "
وبما أنه بدويُ انتبهوا لذكرين هذه
" أغنيتان رعويتان بزمنه الباهت
يهرب منه إليهم
ويفرُّ من قسوة محبتهم الباهظة
إلى وحدته الباردة "
ربما كان الاسمان العربيان
لفًا حول فكرة البداوة
وادعاء عراقة الأصل
هي سبعة وثلاثون شتاء ممطرًا
بأوحالٍ وأوساخٍ
وصمتْ قلبه بمَيسم غائر
كان يعبر رملاً وسبخًا وطينًا
بحذاءٍ بلاستيكيٍّ
يحزُّ كاحله كشفرة ثلجٍ
هذا تفسير عشقه للأحذية الفاخرة
البدوي
الآخر
الماكر
المخادع
سارق سلاح الجند في المعركة الوهمية
قليل الذكاء
ضيق الأفق
تاجر البانجو
متحدث اللهجات كأعرابي بأسواق قريش
.........................
...........................
سبعة وثلاثون هوّة عبرتها
فكم بقى منها؟!
وإلى متى سيظل الغصن
متشبثا بحافة البئر؟!!
بروفيل ناقص
تخيلوا
الولد الوسيم بنظارة البولس
وحذاء الكلاركس
يخطو فوق الحصى المدبب
باحثًا عن أمثولةٍ
لسائحٍ لاتيني يدخن سجائرَ زاهيةً
ويذهب أبعد في القمم البعيدة
آه لو رآه جدّه الشايب
لرماه بدلّة القهوة صارخًا:
غور من قدامي يا المسخ...
المتحدثُّ اللبقُ
مقتحمُ النساءِ
الذي يضطرب إذا نظرتْ امرأة
في عينيه
هذا الأرعن لم يصرخ في الآخرين
كما تمنى دوما:
" أيتها الخراف لم أنتم هنا دائما "
عضّ شفته بقوة
ومضى بندبة تحت ركبته
كان عليه أن يصنع مجازاً:
لرمال عريضة
وجلباب أبيض
وقامة نحيلة تسير بانحناءة
صوب هواجس ووساوس
وأحلام يقظة................
...............................
الهشُّ
العصبيُّ
القاسي كعتبة بيت مهجور
الشبق
العاطفيُّ كالأفلام القديمة...
تخيلوا ذلك هو البدوي
بياض
قطعوا لسانه
بفعل المرض اللعين
فأقام جنازة لثلاثين خريفا
من الفتنة والخرافة
والكذب الأبيض والأسود
مرّن عينيه وأصابعه
على فتنة القص
فاكتشفت المرأة جمالا وحشيا
بأعماقه البعيدة
فنذرت يوما من الشهر
لتروي له خرافتها التافهة
وتطعمه الفاكهة المحرمة.....
............................
ذات ليلة
صحا على همس أصابعه للجدار
وماء يسيل على حافة السرير
من أين جاء الماء؟
السرير سفينة على صدر الماء
من أين نزَّ
ال
م
ا
ء
أصابعه شرقت بالماء
فاختنق
في ذروة الغرق
رمى يده متشبثا
اصطدمت بجسد المرأة النائمة
لما أخذت رأسه في حضنها
كانت أصابعه تهذي عن:
غيوم بعيدة
بئر مطمورة
صحراء غافية
........................
........................
في الصباح الهادئ
صحت المرأة متعبة
مشعثة
كانت منامتها مبلولة
بماء ابيض
وشعرها يذرُّ الماء
أبيض
ومقاطع الكلام مبهمة
تسيل على الجدار
بيضاء
الكل أبيض
والعصف الهادئ
بياض
أبيض
نوستالجيا
بعدما شربوا قهوة سوداء مرّة
اضطجعوا علي الرمل المندى
ليلمسوا بطن أمهم البارد
قفزوا عنها كالفئران إلى دروب
تتسع لفارس ينام على حصانه..
انطلقت القوافل صوب عدن
تنصت لحكمة الحجر بأصابع قذرة
كيد بحار تقاعد قريبا
القوافل تنحت الأفق الغامض
أمام عينيّ..
وأنا باب الحانة قرب البحر
ورغوة البيرة الباردة على أصابعي
شهدت انسحاق الرغاء الواهن
تحت الشاحنات العملاقة
فأيّ فارق بين الأصل والصورة؟
إنّ ابتهال العابرين إلى صلف الموج
تأويل فجّ آخر
فيأيها البحر الهائج
لا تعبر السياج إلى الشارع ..
قد تضطرب النوق
فيفقد القلب الخطى البعيدة
على دروب الأنباط الساطعة
ومزيد الدم النقيّ بصحف متهرئة
فغناء المرأة الرعويّ أمام الحانة
نشيد قديم
حنطة
وبهار على الشعاب الغائمة
فدع عرقك البارد على السياج
ارم البحر بقرن القربان المدمّي
وقل: يا رجال البحر
ذا قرباني فخذوه
دعوا الرغاء حتى لا يجفّ
وارفع كفيك عاليا..
عااااااليا
أمام الراحلين على خيل
حفت حوافرها على الصخرة
..............................
..............................
بعد العاصفة
كان البحر يغفو تحت أقدام المرفأ
وأنا أنسحب وورائي رائحة اليود
والبيرة العطنة
قصائد
زوربا
أحاول إن ارقص مثل زوربا
ساقي لا تطاوعني
فانا لا أعشق سوى رائحة القهوة
وملمس الرمال تحت ظهيرة
صيفية
لا أحب البحر
ورائحة زهر البرتقال
لا امرأة تتعاطف معي
لكني أحببت زوربا
يأيها الرمح الإغريقيّ
ربما تشابهنا في الطعنة الرشيقة
القصيدة
الكلبة التي اسمع نباحها
يتضاءل
فأمشي مطمئنا
فجأة تهرّ في وجهي
تنهش ذراعي
لا استطيع فكاكا
هذه الكلبة إن تمكنت منها يوما
سأضربها حتى الموت
لأستريح من هاجس النباح
مقاومة
بدوي تقتحمه المدينة
يأتي بعمال النظافة
يكنسها من رئتيه
سيدعي ذلك:
ليترك مساحة لنظرة الأرملة
في الشرفة المقابلة
وجريدة الصباح
ثمة هاجس يحتل يومه
فيحتمي خلف قناع القسوة
أمنية
مازن يزركش صدر الورقة
بكائنات بدائية
ويبرطم
..........................
..........................
أصغي مفتونا
يا من يدلني على أبجدية
بدائية
تردد
على رغم تاريخي القبليّ
تجتاحني الوساوس
فهذه الأنوثة
تقف أمامي كغصة
........................
........................
يجب أن اعبر
قصاصٌ
في المساءِ البعيدِ
كيدٍ مهملةٍ على حافةِ المقعدِ
القديمِ
سأقولُ: الحياة عادلة
تقايضُ الإثمَ بالألمِ
وأندفعُ ثورًا وحشيًّا إلى برجِ روحي
لأفتكَ بالثورِ الآخرِ في المرآة
فالصحراءُ الشمطاءُ
لن تجدي في رَتقِ الهوّةِ
العميقةِ بين جنبيَّ
ولا الإرثُ الثقيلُ
في خلخلةِ الوشمِ
على صدري الفارغِ..
فأمشي كي أمشي في ظلامِ غامضِ
كجناحِ خفاشِ إلى سطوةِ الهذيانِ
.. فهل الحياةُ عادلةُ؟!
تلك التي تغفو على فخذِ المرأةِ الغنجةِ
................................
................................
قالتْ الراويةُ للأميرِ :
لا..لا تفتحْ هذا البابَ!!
وغابتْ وراءَ الكلماتِ والأستارِ
في القصرِ المسحورِ ذي القبابِ النحاسيةِ
لكن الأميرَ لم ينتصح ..
وُجِدَ في الصباحِ متحجرًا
أمامَ البابِ
وعلى صدرِهِ كأسٌ فارغةٌ
وخاتمٌ فيروزيٌّ نُقِشَ عليه :
مولاى لا غالبَ إلا الله
طقس مشرع الباب
أنا فجيعة
تمشي على قدمين
أسير مطاردا بأوهام
ووساوس دبقة
فأكرس حواسي
وأدربها على استقبال هزائمي
المنتظرة
بحفاوة كأبناء لقطاء
أمشي محفوفا بأحلام
ملوثة الوجه
لا أضع يدي في يدها
مخافة الناس
وأنا الغريب
فمن للغريب من الأغراب؟
ألفت نظر النساء بارتباكي
ووسامتي
فيعطفن علي كطفل
ويحاصرنني بمحبتهن
وما درين بأن شهوة الخراب
تجتاحني
هاجسي أن تقفز دائرة الخراب
من أعماقي
لتصفع هذا العالم الفظّ
على مؤخرته
وتطرده إلى الشارع الموحش
سأصرخ: أنا سيد الخراب
فيرد العدم
أنا سيد الخراب
أزهو مبهورا
بإنجازي الفذّ
أجلس على حافة الكرسيّ
أعجن ما يسّاقط من صلبي
بطين الأرض
وأخلق كائنات على هيئتي
تسند الكرسيّ فاسترخي
قد أغفو قليلا كذئب
أو أحرك الهواء الراكد
مثل كرسي مكسور الأرجل
ربّما أخرج ذاكرتي
أفتش أدراجها المنبعجة
يجتاحني الملل والحنين الّلزج
سأجرّ روحي من يدها
وأضعها في محاليل حافظة
لأشعر بهدوء صارم
كمعبد بوذي
أدخل طقس النوم المشرق
ببداية كوابيس
تنام على ذراعي الضامر
ثمة مقاعد شاغرة
لا يحتاجون إلينا
فهم لا يعانون من هذيان الكواكب
ومن عراك الصباح المفاجئ
يبتعدون في ضجر الأحاديث
لا ناي
لا سماء تطلّ قريبا
ليس ثمة أكفّ تلوّح
وهم يرشقون الصباح
بآخر نجم
يمرون عفوا
يعلقون بالأشجار أرواحا
وذكريات
فتنساب أغنيات قديمة
على أثرهم
والأشجار تمدّ أعناقها
خارج السور
تشحب نجوم في الطوابق العالية
لا تشغلهم رتابة أيامهم
يهبطون على الشرفات المغلقة
ضاربين الأبواب بالهواء الجاف
وأجسادهم تتدلى في الفراغ
يعبرون الشوارع بأقدام عارية
موغلين باتجاه البحر الغافي
ليمسدوا شعر الماء
الملبد من اثر العاصفة
بلحظة خاطفة
يلقطون أطيافهم من الشرفات
ويصعدون الفراغ
خلف الحائط السميك
28-12-2008