إهداء
إليها...
أغلقي البابَ جيدًا
أريدُ أن أبوحَ لكِ بسرِّ
الحبُّ أقسى من الموتِ
أراجون
أغورُ عميقًا في الحَواسِّ
في كلِّ زاويةٍ امرأةٌ
ينشقُ عنها الغبارُ
يكدسُ الأوهامَ و الصور
والساحراتُ بأصابع قذرةِ
يطاردنني أبدا
أنا الذكرُ الوحيدُ أسافدُ
آلهةِ الخصبِ في حمأةٍ
وأغورُ عميقًا في الحواسِّ
عميقًا بنفسي لوحِ الطينِ
تحتَ الركامِ
عسلٌ كامنٌ في الكلماتِ
خبيئتي العابقةُ بالرمزِ
ما يجذبُ الفراش إلى الحريقِ
ما تفتحُ الأرضَ بوجه السماءِ
نداءً
في كلِّ زاويةٍ غبارُ
تنفضُه امرأةٌ تحتقنُ بالدمعِ
والشهوةِ الناصعةِ
تمضي في صباحٍ ساحرٍ
ثم تذبلُ كمسيحٍ
على جدارِ الذكرى
فكيفَ تُرجِعُ السنينَ؟
كلُّ شيءٍ عابرٌ
في صورتِهِ الخادعةِ
وينسالُ كرملٍ
من بين الأصابعِ
.......................
.......................
آه أيتها الصورُ الخادعةُ
يا غبارًا من وهمٍ
الأقنعة
لمّا ألمسُ حضورَكِ
يأخذني العطشُ لماءٍ سريٍّ؛
فأحبُّ حياتي الشاحبةَ؛
لأنّي أحبُّكِ
ليدين من لهفة
ونهدٍ من فضةِ الحُلمِ،
وشهوةٍ صاخبةٍ
تحتَ الساتانِ الأسودَ
تتفجّرُ في حمى الوقتِ
حضورُكِ حممٌ من العرقِ
الباردِ،
وعبقُ خصوبةِ
ينضحُ الهواءَ الراكدَ،
وأنا أقرضُ حيرتي
قبالةَ جسدِكِ؛
وأنتِ الساطعةُ
كصرخةِ الليلِ،
ترمين ابتهاجي بالشكِّ
والأقنعةِ،
وتفرين لكلماتٍ
تتحلّلُ خلفَ بركةِ الوقتِ
لا ماضي لي سواكِ،
وواحةُ جسدِكِ
وعودُ سرابٍ تدمغُ أيّامي
سيرةُ المرأةِ
أما والذي نَهَد الجبالَ
وشقّ البحارَ
إنكِ لتأخذينَ قلبي بأصبعين
وتسبرين أعماقَ روحي بفتنةٍ
فمهلاً؛
إنني ما فَقِهتُ امرأةً قبلكِ
دُليني عليكِ،
أشيري إليّ بآلاءِ منكِ،
أرفقي بي
ولا تضيعي في زحامِ النساءِ
لأنّكِ لحظةَ وُلِدتِ أخذتُكِ بكفيّ
ولففتكِ بخرقةٍ من ثوبي
وقلتُ: كوني امرأةَ قلبي
ثم كان أنْ تهتُ في دهاليزِ الوقتِ
وتكبرين على يديّ
وأنا أفتشُ عنكِ:
عيونَ الآخرين،
قصصَ العجائزِ،
الكتبَ العتيقةَ
والشرفاتِ المغلقةَ
وكان أنْ صرختُ:
"صِرتُ عارفًا بالنساءِ".
وأنا لا أعي نفسي الأمارةَ
وكم كنتُ كاذبًا!
إذ أختالُ بوسامتي
تحتَ نظرِ غيركِ
وصادقًا؛ إذ ضربَني البرقُ
أمامَ جسدكِ الصغيرِ كوردةٍ
أما والذي أطالَ السماءَ،
وبسطَ الأراضين ككفٍّ؛
أنني جاهلٌ وبكِ عرفتُني
في دروبِ العشقِ تأخذينني
وتسحري عينيّ بسحر عظيمٍ؛
فلا أمّي كنتِ ولا ابنةَ قلبي
أيّتُها المرأةُ،
يغفو التاريخ على ركبتِكِ
وتدركين المساءَ وحيدةً
إلا منّي
يا ويلي!
أنا الكاذبُ أنكرتكِ،
حنينَ أصابعي
ورائحةَ جسدكِ الغضِّ
أنكرتُ
وزعمتُ أنّي لا يشقُّ
لي غبارٌ
وكنتِ الأرضَ وأنا الغبارُ
والضفافَ كنتِ وأنا النهرُ
وكنتُ أيّ شيء
وكنتِ كلَّ شيءٍ
تبصرينني
ولا أبصرُكِ إلا بخشونتي
تنكسرين كالماءِ على الصخرةِ
وتقهرينني برقتِكِ
الطاووسُ المختالُ أنا
وأنتِ الشجرةُ
عظيمًا كنتُ تحتَ
أقواسِ النصرِ
وأنتِ الفرحُ..
وأشهدُ أنّكِ أنتِ المرأةُ
وأنّ الأرضَ الشجرةَ السماءَ
الكلمةَ والنعمةَ مراياكِ
أيّتها الممتلئةُ محبةً ونعمةً
فقيرٌ أنا بدونكِ
مديحُ المرأةِ
صباحُ الخيرِ أيّها الحبُّ
يا شبحي خلفَ البابِ
ويأيّتُها المرأةُ ببابِ المساءِ
يا طيفًا ينامُ على الأريكةِ
ويرفلُ فوقَ السُّجادةِ العتيقةِ
تميلين فوقَ الأشياءِ المهملةِ
محبةً وعطاء
وأنتِ ترتلين الأشعارَ والأغنيات
صباحُ الخيرِ يا منارتين سوداوين
كليلٍ صحراويٍّ شفيفَ الحزنِ
ماذا الجميلةُ تفعلُ الآن؟
تتركُ أصابعها الصافيةَ
تغسلُ كدرَ الليلِ الطويلِ
أم تَحتَضِنُ كوبًا من الشاي؟
فيما قلبي وحيدٌ يجرعُ الأرقَ
بلا لمسةٍ حنونةٍ
صباحُ التعبِ يا دمي الهادرَ
كطبلٍ بدائيٍّ
وجوعٌ خلاياي لفاكهةِ الأغاني
إذ تغمرين الليلَ موسيقى
تنقرُ العصافيرُ الحروفَ
على شفتيِكِ
صباحُ الخيرِ أيّها الحبُّ
يا قمرًا أشقرَ بليلِ الصحراءِ
آه يا قمري
أما ترى سيدةَ تمضي
على شفتيها دمي
وبقايا
القصيدةِ
تعويذة للمرأة
أحبيني..
أحبيني؛ لأنّ الحبَّ بسيطٌ
كبرعمٍ
الحبُّ فيرسٌ يدخلنا خلسةً
وحبيبتي الصغيرةُ فضاءٌ أزرقٌ
تحيطُ بي؛
فلا ترموننا بالعوسج
ونحن نكبرُ على مهلٍ في البداية ِ
احملوني إليها هدية ً،
رتلوا صوتي صافيًا
كنبعٍ جبليّ بسمعها
وعمدوني بماءٍ من أصابعِها،
وبدمعي اغسلوا جسدَها الصغيرَ
كوردةٍ في بستانٍ
حولَ نبعٍ في واحةٍ
الواحةُ مهوى الحُجاجِ والأفئدةِ
وأنا لحبيبتي؛
وحبيبتي لزينتها الفاتنة
أنا لحبيبتي؛
وهى للشرفة البعيدة في النسيان
اقرءوني قبلَ أن يجفَّ دمي،
وحبروا الألواحَ بغناءِ العاشقاتِ
وأورادِ الأخيارِ
قبلَ أن تصحوَ حبيبتي الصغيرةُ
من حقل الياسمين والميرمية..
.................................
لأن الحبَّ كالفيرسِ
يدخلنا خلسةً؛
أدخلُ حبيبتي كنسمةٍ دافئةٍ،
كلسانٍ يتذوقُ عسلا شهيّا
فأحبيني أيّتها الأميرةُ؛
كما تحبي زهرتَكِ الناعسةَ
على الشرفةِ
كما تحبّي مشطَكِ،
أقراطَكِ، خواتمَكِ
و سريرَكِ الذي حملَ نومَكِ
نومَ الأميرةِ الصغيرةِ الشامخةِ
كسماءٍ تحيطُ بالأرضِ...
أحبيني
امرأة الأقمار
سماء تطلُّ من النافذةِ،
وعيناكِ أغنيةٌ شجيّةٌ
وكنتُ في موقفِ العشقِ؛
ما بين عينيكِ
ونفسي الأمارةِ بالشجنِ
تائهاً أبديّاً
صار جسدُكِ خبزي،
وماؤكِ على شفتيَّ بعثٌ؛
فخذيني نبعاً يفيضُ؛
تلقي نفسَكِ المقهورةَ
وتحبينها
وتحبينني سيلاً هادراً يدهمُكِ
اعثري علىَّ قبلَ اختناقي بمائي
ورحيلي عنكِ إلى كتبٍ عتيقةٍ
أضيع فيها بحثًا عن عالمٍ
يغفو هانئا تحت أصابعكِ
إذ تحملُ رموزَ الماضي البعيدِ
في النسيانِ
أمهليني؛
أفسرُ وجيبَ القلبِ على ضلوعي،
وخطوةً راحلة في الصمتِ
واحبُكِ قليلاً؛ أكثرَ من هواجسي
وتاريخَ عشاقٍ
سأحملُ رايتهم في الدربِ البعيدِ
فلا سريّ سريّ،
ولا أغنيتي تدومُ أمامَ سماءٍ؛
تهمُّ بالبكاءِ
ولا أنتِ إذ تكونين امرأةَ قلبي
ألمسُكِ بشفتيّ
واطردُ غيابَكِ الطويلَ عن البابِ
تعالي وراءَ كلِّ غيابٍ؛
مطراً وحشيّاً وغابةً خضراءَ
تعالي إشراقةَ روحي القاحلةِ
أيا سيدةُ الأقمارِ
يا قمراً يزهو وراءَ البابِ؛
المشرعِ للحرائقِ الصغيرةِ
أنا موجةٌ تعدو
خلفَ الذكرياتِ الذابلةِ
كنتُ أصارعُ الفخاخَ بفخذيكِ،
ترمينني بالنكرانِ،
واُبلي في هزائمي
أعودُ إليَّ إذ أخرجُ منكِ منهكاً
بالجراحِ والرثاءِ
تمشي الصحراءُ في تاريخنا
ويسيلُ ما بيننا؛
أشجاراً ومدناً حجريّةً
...........................
..........................
القصيدةُ تنامُ بحجرِكِ
إذ تشرعين الماضي البعيدَ
على غوايةِ القصِّ
امرأة الأساطيرِ
أمضي في تيهٍ
أنقّبُ عن عينين تسعان العالمَ
وأنت تغتسلين بماءٍ مقدّسٍ
وتعاويذَ زرقاءَ خوفَ العينِ
تعتّقين روحَكِ البيضاءَ
بدنانِ العشقِ
ترحلُ القوافلُ شرقًا وغربًا
بحثًا عن زينةِ
يحملها الجانّ خلفَ
جزرٍ في البحارِ فدا عينيكِ
وأنتِ مأخوذةٌ بجمالكِ
عن سواكِ
ترمين العاشقَ بصدٍّ ودلالٍ
وتصكين سمعَه بحكاياتٍ
عن عشاقكِ الكُثرِ
هو الذي تجرعَ مُرََّكِ
والضياعَ في متاهةِ التذكارِ
و الكتبِ العتيقةِ
يفتشُ عن أسرارِ الحنينِ
وأهوالٍ تنامُ تحتَ أصابعِهِ
المهووسةِ
هذا ما كابدَه والليلَ
من الفتنةِ القاهرةِ؛
فأغمضَ عينيه؛
ليكحّلَ جفنيها بالسهادِ
فكلُّ امرأةٍ مرّتْ به
كانتْ تهيّئه ليديكِ
وكلُّ عاشقةٍ كانتْ تهدهدُ
ضياعَه
ليهتدي إليكِ
عصورٌ سحيقةٌ كنتِ
: عشتارُ/ ليلي
بثينةُ/ افروديتُ
جولييتُ
سيرةُ عشاقٍ قضوا في العشقِ
أمضي في تيهٍ أفتشُ عنكِ
في عراءِ الأسئلةِ
ولأنّ الجنّة لا تتجلى
إلا لموعودِ
ما كفرتُ بكِ ولا كان مني
غير أنّي أخوضُ في الفقدِ
وأنتِ ما زلتِ تغتسلين
بهواءٍ سريٍّ
وتمشطين الأوقاتَ بالمللِ
واليأسِ
فهل كانتْ تمطر لديكِ؛
فينسابُ الصقيعُ برئتي؟
وما كنتِ بنلوبَ
لتصبري عني السنينَ الطوالَ
تنسجين الرغبةَ ثوبًا طويلا
وأنتِ تكملي أغنيةَ العاشقةِ
مكتفية بذاتكِ
وكنتُ في ترحالي
أبحث عن أوديساى
مسافاتٍ تقتاتُ مسافاتٍ
كوحشٍ خرافيٍّ
آه من الخسرانِ!
الذي يضربَ جبيني إليكِ
كيفَ أبحث عنكِ
وأنتِ هناك داخلي؟
كيفَ؟ كيف؟
يا لخسراني المبينُ!
امرأةُ الماءِ
أأظمأُ وماءٌ سُريٌّ يسري بي؟
ودمي احتراقٌ لفمِكِ العذبِ،
كسماءٍ تمطرُ
المجلجلِ كأجراسِ كاتدرائيةٍ
لمّا تضغطين أضلاعي بذراعيكِ
تبدهُني عذوبةُ كذبِكِ
وتظنين حبّي شهوةً عابرةً؛
وأنا العابرُ في اشتهائي
وأنتِ شهوةُ العاشقِ وزهدِهِ
وضلالِ أيامِهِ
أّيتُها الساطعةُ
ككرةٍ ترتدُ إلى الكفِّ بعنفٍ
ومهلكةُ بمهلِ القادرِ
أأحبُّكِ بلا جسدِكِ الغجريِّ؟
وماؤك في فمي برقٌ خلّبٌ
كوني صادقةً كجسدِكِ النّهمِ
وذوبي على فمي يا سيدةَ الغناءِ
والصخبِ المكدس فوقَ الأبوابِ،
ينشفُ أسفلِ أقدامِ الليلِ
قلبي عليكِ وأنتِ تشعلين الدربَ
غوايةً،
إذ كيمياءُ روحُكِ
تنضحُ من كفّيكِ المعطوبين
وتسفُ خلاياي المشرئبةَ
ولي ما للمغضوبين من ندمٍ
وزلزلةِ زندٍ بغيبوبةِ الصمتِ
خذي ما تأخذين من أورادي
وأدخلي وقتي؛
فأنا أمضي، أمامي ظلامٌ
وورائي ندمُ الخاسرين
وأنت خسراني المبينُ
كفلقِ الفجيعةِ،
فلا يدي التي تطالُكِ يدي؛
ولا مائي الصارخُ في اليبابِ
يدلُّ عليكِ
... الهواجسُ تغفو
تحتَ زغبِ زنديك،
حين أغنيتي لا تبلّلُ المساءَ
الكزَّ أمامَ البابِ؛
تجفُّ كشجيرةٍ في العراءِ،
أدلهمَّ قلبي بالطرقِ
فسيفساءُ المرأةِ
الفعلُ المقيتُ للحبِّ،
التّملك!
***
أنا أحبُّكِ
فأنا أحتاجُكِ
أحتاجُ وجودَكِ الحُلوَ
في أيّامِي
جسدَكِ البضَّ
ولكنّي أكثرَ احتياجًا
لاستقلالِكِ عني اللحظةَ
فلو صِرْتِ ملكِي بأيِّ وجهٍ
لو امتلكتني
سأكرهُكِ وأنفرُ منكِ
أحبُّ حريتي
فلا تهبيني حريَّتَك
***
لا تعتنِ بجذورِكِ
كي يمكنكَ البقاءُ حرًّا
***
لا تحبيني كما أهوى
فلنْ أحبُّكِ كما تبغينَ
كوني الغابةَ خضراءَ
شلالاً وعاصفةً
ولا تحبيني الحبَّ كلَّه
بل أحبي ذاتَكِ أكثرَ
لأنّ وجودَكِ أوجدَ الرجلَ
من تحبينَه
ولا تعصفْ بكِ أناكِ
فما أنتِ أمُّ طفلٍ هو أنا
ولا زوجةَ رجلٍ هو أنا
كوني المرأةَ:
بجمالِها، بقبحِها
بعمقِ بساطتِها،
تسامحِها، تطرفِها
بغموضِ جسدِها،
وسطوعِ شهوتِها
أحبِّي الرجلَ
كما يجبُ أنْ يُحبَّ العابرَ
***
المرأةُ البيضاءُ بياضٌ،
كالعمى
***
خيالي فقيرٌ
وأنتِ خصبةُ الأكاذيبِ
ومؤمنةٌ بكذبِكِ
وأنا أؤمنُ بنفسي
وأجيدُ الوحدةَ
والصخبُ الذي تكدسِينَه
لم يزلزلْ مفرداتِي وتصوري
كلماتي عقيمةٌ
لتحيطَ بحضورِكِ الباهرِ
فأنا مُكتفٍ بي
وأنتِ فائضةٌ عن رجولتي
فكوني: شجرةً، غيمةً، وردةً
لأنَّ خيالي فقيرٌ
وأنتِ خصبةُ الأكاذيبِ
لا أؤمنُ إلا بنفسي
***
المرأةُ شجرةٌ
الرجلُ عشبٌ يستظلُ بالشجرةِ
***
إذ أفكرُ فيكِ
تمرُّ بي نساءُ الأساطيرِ
كرنفالُ أزياءٍ وعطورٍ
موسيقى بدائيةٍ
أفكرُ فيكِ كما عبدٌ
يفكرُ بأميرتِه
سيطعنُها إن تمكّنَ منها بحقدٍ
حتى يسقطَ قناعُ الأميرةِ الباردِ
فيبكي حتى يبتلَّ العشبُ
برائحةِ الدمِ
أفكرُ فيكِ
كما ينبغي لرجلٍ
أنْ يفكرَ بامرأةٍ بريّةٍ:
ذئبةٍ في الظلامِ
وبكاءٍ خافتٍ لحظةَ ضعفٍ
هكذا أفكرُ فيكِ
***
كالورقةِ البيضاءِ أنتِ
مغريةٌ... ومغوية
***
كالدنيا صاخبةٌ
شامخةٌ كخطِ الثلثِ
ولينةُ الأعطافِ كالجيمِ
وطازجةٌ كعشبٍ مبللٍ بالمطرِ
وأنا مجبرٌ على جسدِي
مباحٌ لأسرارِكِ
وغامضٌ بسطوعي
فالحبُّ فضيحةٌ
وأنتِ شامخةٌ ورشيقةٌ
وأنا مجبرٌ على حبِّكِ
***
أفكرُ فيكِ كما آدمُ بحواءَ
***
امرأة الحواس
من أينَ أتيتني؟
أيّتُها الساحرةُ التي ترفعُ
شهوةَ الرجالِ
قرنيّ ثورٍ فوقَ رأسِها
وتغتسلُ بمائي الغائرِ
كان ليلاً أسودَ
وطلاءُ أظافرِكِ أسودُ
وفمُكِ مدهونٌ بالأسودِ
فمُكِ الصغيرُ كحبّةِ توتٍ
يفحُّ الغوايةَ والشهوةَ
بأوصالي
لما يسقطُ ندى همسِهِ بمِسْمَعِي
ويسيلُ قبلاً دافئةً
تأخذين بيديَّ إلى عالمِكِ السُفليِّ
أعمى أساقُ إلى طقوسِ
الخصبِ والعربدةِ
ألهثُ وراءَ نعمِكِ مفتونًا
مبهورا
فتطرحين جسدي بقوّةٍ
على الأرضِ المُوحلةِ الدافئةِ
وتنفخين الهَبَاءَ حولي
أيّتُها الساحرةُ، البدينةُ، الرشيقةُ
امرأتي المولودةُ على ذراعِي
وسيدةُ رجولتِي وزَهوي
تنشبين مخلبَكِ بقلبي
إذ تسيلُ صرختُكِ القصيرةُ
على الرُخامِ
... يا سيّدةَ ليلتي الطويلةِ
هوّني عليكِ
سأمرقُ سهمًا مضطربًا
ولن يبقى ظلّى
إلا كتشظّي كأسٍ
على الممرِّ المُعتمِ الفارغِ
***
بنتُ الذين
لم تتركْ لي فرصةً
لأجوّدَ كذبي
وألمّعَ حضوري
بقفزةٍ اعتلتْ صدري
وهَمسَتْ: قلْ ورائي
المرأةُ جنَّةٌ
لا تنفتحُ إلا لمحظوظٍ
ولأنّني ساذجٌ
وغيرُ بارعٍ في الكذبِ
التقمتُ فمَها الصغيرَ
وغرستُ لساني بحلقِها
فصرَختْ : يا مجنونُ
ستفسدُ اللعبةَ
تمهلْ لترى......
..................
يا ملعونةُ
لماذا أضعتِ سنينَ
بلا إشارةٍ؟
فمائي يحرقُ خصري
منذ أَمادٍ بعيدةٍ
***
لا تبادري يدي
بخصرِكِ النابحِ
ولا ترُشِي القُبلَ بعيني
فأنا أنْحتُ مفردةً
تليقُ برفّةِ حاجبِكِ
وبهدوءٍ يوازي وثبةَ نهدِكِ
الجاسرِ
أُسْنِدُ ظهري للجدارِ
لأرطّبَ ما يعتملُ بروحي
من حقدٍ يهبُّ عبرَ
لَفحةِ الخيانةِ
وعبرَ العواطفِ التي تُراقُ
على عتبةِ البيتِ
لتحميهِ من العائدين والذكرى
حين تبحثين عن مبررٍ
لتربضي قِبالتي
أو فرصةٍ لتغتسلي من الماءِ
أكشطُ كثيرًا من كذبِكِ
حولَ معصمِي
لأَسكُبَ القطيفةَ السمراءَ
على الأفقِ الغامضِ
***
سأموتُ قريبا
وسيكون موتي صاخبًا
كسقوطِ كفِّ ثقيلةٍ
على أصابعِ البيانو
وتشظّي الكأسِ من على الطاولةِ
لنهدِكِ الثقيلِ على صدري
طعمُ تفاحٍ أخضرَ
وأنت تعبرين صراطَ روحي
بقدمِكِ الصغيرةِ
ذاتِ الأصابعِ النابيةِ
أُصغي لحفيفِ الهواجسِ
خلفَ النافذةِ
ولسانُكِ يقودُ خُطاى
للشجرةِ المحرمةِ
فأسبحُ على ظهري
في فضاءٍ أزرقَ
تعبرُني ملائكةٌ وأشباحٌ
وطيورٌ تنقرُ أصابِعي
ينثالُ شعرُكِ على وجهي
عطرًا أسودَ
يغمرُني بالوَحشةِ والصُراخِ
الوحشيِّ
فتدفعين رُوحَكِ المُتعبةِ
من هواجسِ الليلِ
أمامَ مرآةٍ تعبُّ خصوبةَ
خَصرِكِ
وبصماتِ العابرين ...
وأنا أتذوّقُ عَرقًا قمحيًّا
أنبشُ البكاءَ المُحتقنَ
على جلدِكِ
لألقطَ رُوحَكِ من الموجِ العاتي
سأموتُ على فمِكِ الشهيِّ
كخيطِ دَمٍ
أموتُ
وسيكون لموتي طَعمَ
تفاحٍ أخضرَ
ورائحةَ عَرقٍ غامضٍ....
***
كلُّ الدُروبِ إليكِ تُفْضِي
وهذا الوجيبُ الأسودُ
خطوكِ الرتيبُ على السُّجادةِ
العتيقةِ
الممرُّ مُعتِمٌ وفارغٌ طِيلةَ النّهارِ
والموسيقى لا تَهَبُ اللّحظةَ
حضورًا قويًّا
ولا الصّحراويَّ سَمتًا صَادقِاً
هى هَالةُ الاشتهاءِ
حولَ جسدِكِ الفتيِّ
وإغضاءُ عينُكِ الماكرةِ
والمبالغةُ في إنفعالِكِ الهشِّ
مُدخلي لأنُوثَةِ القصيدةِ
فتأتيني بكذبٍ شَهيٍّ
وأنا أُهَدهِدُ شَهوَتي
بخصرِكِ البدينِ ...
.....................
إنَّ صَخبَكِ الفجَّ بالبابِ
يلهبُ خيالي بسَطوَةِ نهدِكِ
النائمِ على حافةِ الطاولةِ
كنِمرٍ ينشبُ مِخلَبَهُ برئتي
رُقيَةُ المرأةِ
ليلكِ يا النائمةُ على ذراعِي
يفرُّ من نُعاسِي وهلاوسي
فتخنقين قلبي ببكاءٍ خَافتٍ
وأنا أضخُّ دَمِي في المسافةِ
بين عينيكِ وأصابعِي الحائرةِ
ألقُطُ السماءَ الصغيرةَ
من النافذةَ
وزهورًا تحرسُ أنفاسَكِ
وأحلامَكِ
من السَعَالِى والعينِ الحاسدةِ
فالسريرُ الذي حَملَ نومَكِ
ينسابُ الآن مُهدهَدًا
على صَدرِ الماءِ
مُتَسِعًا لحيواتٍ قديمةٍ
وأيامٍ رماديَّةٍ كورقِ الخريفِ
... ذئبُ البَراري المُوحشةِ
أتشمَّمُ ما يرشحُ جسدُكِ
من هَواجسَ وشهواتٍ
والدموعُ التي تغسلُ
ما تكلَّسَ على شفتَيكِ
بفعلِ الأكاذيبِ المشتهاةِ
لا تمرِّرُ فرصةً
لأتذوقَ العذوبةَ القاهرةَ
مفعمٌ أنا يا سيّدةَ الأماسي
البعيدةِ
بكآبتي ورتابةِ أيامِي
فكمْ هولاً أحتاجُ
لأعبرَ النفقَ الطويلَ
وتفخخين أيّامي بمكائدَ نَبيلةٍ
وبما ينزلِقُ من حِقوَيكِ
فأهذي قِبالةَ جسدِكِ
كمجذوبٍ
أخذَهُ الوَجدُ وأعْيَاهُ السُّكْرُ
أوازنُ بين روحي
وسيرةِ اليمامِ بصدرِكِ
يطيرُ في الأفقِ المشبَّعِ
بالعاصفةِ
لعلَّ مَا سَقطَ منَّا
يُزهِرُ هُناكَ بَعيدًا
امرأة السديم
أيتُّها البعيدةُ، القريبةُ؛
كخاتمٍ ضيقٍ حولَ الإصبعِ
لأشدَّ الغيمةَ من شعرِها
لصدري؛
يلزمُني أن أبعثرَ العطرَ المعتقَ
في حنايا الكفِّ منذَ آمادٍ بعيدةٍ؛
هذا العطرُ ينحتُ أيّامَي،
كقطرِ الماءِ على الصخرةِ
الصماءِ
وأنا اقطفُ الثمرَ الفجَّ وحيدًا
وحيدٌ إلا من خيالِكِ؛
مثلُ سمكٍ يلمعُ تحتَ الماءِ
خيالُكِ
وممتلئٌ بنعمتي، بوحدتي،
هواجسي
والنفسُ لا تقرُّ كريحٍ في شراعٍ،
كريحٍ في شراعٍ
أدخلُ الابتلاءَ المُرَّ؛
فتهطلُ دموعُها الصامتةُ
إلى آخرِ العمرِ
إلى آخرِ العمرِ جذلةً تسعى،
تتقافزُ حولَ ساقيكِ الشامختين
كأعمدةِ معبدٍ إغريقيٍّ.
أيّتُها البعيدةُ،
القريبةُ كمرآةٍ مضبّبةٍ،
كأصابعِ الطفولةِ على الرملِ
والكوابيسِ.
إنَّ الكلماتِ هلامٌ يَعلَقُ بيديّ
ولساني يتذوقُ الحروفَ،
واسمكِ صنو الجمالِ الوحشيٍّ
والبراءةِ
لا يفارقُ مخيلتي كليلِ الأساطيرِ؛
كحائطٍ حولَ بستانٍ ابتلعَه
العشبُ الهمجيُّ
العشبُ ينمو على أصابعِي،
شفتي اليابسةِ.
أيّتُها البعيدةُ، البعيدةُ،
القريبةُ كالوجيبِ الهادئِ
وتقلباتِ الطقسِ.
أيّتها المرأةُ أنا عاشقُكِ.
امرأةُ الليلِ
قالتْ امرأةٌ :
سأنتظرُكَ في ليلِ القطاراتِ
ورحلتْ بعيدًا في هواجسِها.
كانت سلحفاةُ الوقتِ
تقتاتُ عصبَهُ العاري
وضعَ قلبَه على حافةِ الشرفةِ
وصرخَ: " أنا بدونِكِ ناقصٌ..".
أمتصّتْ روحَه هواجسٌ سوداءُ
وعينان مفعمتان أسئلةً،
سقطَ على أعتابِها
ملوثًا بدمِ الثوارِ والشهداءِ
يهذي: بأشعارِ المتصوفةِ
العشاقِ والمارقينَ
" أنا بدونكِ ناقصٌ يا امرأةَ قلبي."
ذهبتُْ المرأةُ في النسيانِ،
وشرفاتُ الغيابِ مشرعةٌ
فوقَ جبينه؛
تطاولَ الليلُ كأنَّه حجرُ عثرةٍ؛
فبكي من حنينِ أصابعِه
وشهقاتِ قلبِه.
أيّ يُتمٍ يشرعُ الليلَ لوحدةٍ
باردةٍ؟
وغناءٌ شجيٌّ ينثالُ بحافةِ البابِ
أيّ أرواحٍ تغادرُ الكتبَ
مجرحةً بالغبارِ؟
قالتْ امرأةٌ : تعالَ إلى ذراعيّ،
لا تطلقْ الحروفَ
فراشاتٍ مذعورةً،
ولا تجرحْ الليلَ بثرثرةِ أصابعِكَ.
كنْ طفلي في الغرامِ
الذي لم ألدْه،
أصغِ لما آمرُكَ به دومًا،
وكنْ بارًا بأمِكَ الصغيرةِ،
وهشَّ عليها
خذ أساطيري وخرافاتي
واصنعْ منها ما تشاءُ،
ولا تبْكِ بعد رَحيلي؛
أنا ما جفَّ دمعي منكَ؛
صالحْني بنفسي
وقلْ بعدي عن الليلِ والحنينِ
ما تشاءُ.
رجلٌ يمشي على رئتِه الفارغةِ؛
يصارعُ الوقتَ الأملسَ كثعبانٍ
والأضدادُ تعتملُ
بين ضلوعِه النحيلةِ
لا كلماتٍ لا صوتَ ينبو به
موسيقي الفراغ الوحشيِّ
طنينٌ
يرسلُ حواسَه ذئابًا جائعةً،
والليلُ جرحٌ عريضٌ
كان الطنينُ يأكلُ رأسَه
وهو يمشي بذاكرةٍ محترقةٍ
قالتْ امرأة :
سأنتظرُكَ في ليلِ القطاراتِ
ومضتْ في الظلامِ.
قيامة المرأة
يا سيّدةُ النّساءِ تهيّئي
وتجمّلي لحضوري الطاغي
فأنا ذئبٌ أعمَي
تشدهُنِي وتربِكُني النعومةُ
الباذخةُ
أسيرُ مهتديًا برائحةٍ
تغزوني تُشعلُ دمي
فأمضي عواءً نحيفًا
يمتصُّ الأرقَ
أقيمي عُرسَ الوَلَهِ بقدومِي
الباهرِ
آتيكِ مخفورًا بكنوزي
تلك سيرتي المرّةِ
لأنهشنَّ لحمَكِ بأظفاري
ولأحتكمنَّ لحكمةِ القنصِ
فتحفزي للمطاردةِ
سأجلسُ قُربَ الزاويةِ
ربَّما نحتاجُ قليلَ موسيقي فاترةٍ
لأرى بهاءَكِ يعبرُ فضاءَ الغرفةِ
الغافيةِ على السرَّ
بأمِّ يديَّ سأرى رقصتَكِ الفاتنةَ
أتقدّمُ مدعومًا بشفتىَّ واللسانِ
مرجعًا لبهائَكِ فخرَهُ المتعالي بذاتِهِ
رُويدَكِ هبيني بعضَ الوقتِ
لأُدخِلَ جسدَي أعتابَ الرقصةِ
مُتوائمًا مع إيقاعِكِ الصاخبِ
صاعدًا مُنحدرَ الماءِ
في الشّلالِ الهَادرِ
لأغرسنَّ نابي في العَضلةِ
المُتوترةِ
أسفلَ ظهرِكِ العاري
فيدفعُني تأوُّهٌ يُغري بالغُوايةِ
أنا مَن ضَلَّ ما أهتدى
مَتاهةُ نونِكِ تفتنُ سِربَ الفَراشِ
النَّهمِ
سأعتني به مُصغيًا
لهَديلِ جلدِكِ الوَحشيِّ
تبدهُني الزهرةُ بتويجِهِا المُندّى
فأنتبهُ للطعنةِ الماكرةِ
ساحرٌ أنا أُدمَنُ الخُرافةِ
أمشي محفوفًا بالغَجرِ
الفارين بدمِي
الراكدِ خلفَ بِركةِ الوقتِ
لا ذكرى لي لا سِيرةَ لي
سوى ما عضضتُ بنابي المترعِ
بهاجسِ الدماءِ
وتقاومينني بلهفتِكِ الضّاريَةِ
نمورُكِ حُرّةٌ تَعيثُ بجسدي
تَجُزُّ أعشابَ الجلدِ المُشرعِ
لغزوكِ الرؤوفِ
هذا طقسُكِ خارجَ التوقعِ
نصيرُ الفشلِ برصْدِ أفعالِكِ:
مرةً شفةٌ تمسحُ ما عَلِقَ بجسدي
من خبراتٍ وأفكارٍ
مرةً أصابعٌ تعزفُ وحشيّةَ
الرصْدِ المبينِ
يا سَيّدةُ النساءِ يا سيدتِي
ذلك عبوركِ المريعُ
بأجراسِ جسدي قِيامَةً
امراةُ النساءِ
مَن أنتِ ؟
أيّتُها السافرةُ الغامضةُ
رميتِ كفيَّ بنعومتِكِ
أذبتي أقنعَتي وغُلوَائِي
وفررتِ إلى الغرفةِ المُظلمةِ
كلُّ النساءِ أنتِ: الجميلةُ
الكاذبةُ البريئةُ
الطاهرةُ الشهوانيّةُ
المُتبَتِلةُ
مغويةُ الفتياتِ والرجالِ
القاسيةُ...
أختي أنتِ وزوجي وابنتي
وعُبوري الدائمُ جسرَ الترقُبِ
ومذاقُ الانتظارِ حشيشتي
على أَنّنَي أسألُ نفسي
كلَّ يومٍ
مَن التي أعرفُها كإصبعي؟
تركتُ على صَدرِها براءَتِي
ورمتْ جسدَي بإشراقِها
والمعرفةِ
كنتُ جاهلاً بي قبلَكِ
حتى غَمْرتِ وجهي بشعرِكِ
الداهمِ كشلالٍ
وغرسْتِ لسانَكِ في فمي
فأكتملتُ وأتمّتْ روحي وِردَها
مَن أنتِ أيّتها المرأةُ؟
امرأةُ الخطرِ
أشعرُ بالمرضِ
والكآبةِ تَستَشْري بروحي
مريضٌ بِكِ
بقلبٍ يتهالَكُ على أعتابِ الزمنِ
ويردُّني للنقطةِ ذاتِها
عشرينِ خريفًا
وأنا هدفُ الحنينَ
الصورُ لا تفارقُني
أحيَا في جحيمٍ من الصورِ
أصفُّها على جُدرانِ الذاكرةِ
كمَعْرِضٍ حُوشيٍّ
أفكاري سقيمةٌ
أنا صورةٌ جميلةٌ تتحلّلُ قريبا
وتتركُ إطَارَها للغيرِ
يمضي بالجراحِ والشّكِ
فكلُّ رائحةٍ صورةٍ
القُبلةُ صورةٌ تذبلُ على الشفاةِ
وسَأمي لوحةٌ صفراءُ
وأوراقٌ خريفيةٌ
أغنيتي انكسارُ العُشبِ
تحتَ عاصفةٍ
أنتِ صورةٌ بعيدةٌ
لا تَطالُ ولاتهبُني النومَ
والأمانَ
أحيا مهددًا بِكِ
صورةٌ تكمنُ لي بالطرقاتِ
كذئبٍ مَسعورٍ تبرقَ عينُهُ
في الظلامِ
مريضٌ بِكِ
وبمرضي الذي هوَ أنتِ