سالم أبو شبانه
(سناء/ مصر)

سالم أبو شبانه" الإنسان يجرح الغير؛ لأنه يخاف من أن يتهافت هو كليّاً،
إن القسوة هنا تعادل العاطفة، ولكن هذه هي الكلمات الطريفة
التي يرتدي بها العاطفيّ قناعاً"
لورانس داريل

بلا ذكريــات، أو جــذور بعيــدة
أخطو...
ما مِن دليل سوى رائحة خافتة
و غناء،
ينبعث من خلف السور العالي

*

الكلمات

الكلماتُ تنثال على بِساط الغرفة،
تُعشِب حول السرير،
تنمو على جدران المكان بوحشيّّة؛
فتحجب ما يشتعل هناك بترو
الأصابع المجهدة من الثرثرة
تعبر الآن الفراغ،
بما عَلِق عليها من غبار؛
لتأخذ مكانها في لحم الصخور
كم من مبتدأ فجّّ!!
لا يعي الفجيعة الكامنة
أسفل الجدار المقابل؛
فهذه القُبل ترتجل إيقاعًا رتيبًا،
كأنما تسقط من عصور سحيقة؛
فيفرّ الوقت مذعورًا
من الجمال الراكد
حين أسرّ:
" في ظلماتنا ما من مكان للجمال،
المكان كله للجمال "1
كانت منامتها السوداء
المطعمة بالدانتيلا
جمالاً أسود، ينهش روحه
صرخ بوحشية ذئب جائع
..................
..................
الكلمات حول نار المدفأة،
ُتسِرّ ما يحدث أسفل الطاولة الواطئة،
وأرواح صغيرة تغادر الأصابع المتوترة
وتحطّ على الباحة مكسورة الأرجل
.................
.................
الكلمات بركان مكتوم،
حين رمى وساوس حول الباب
وحقدًا بقلبها البسيط،
كانت تسقط على الغرفة،
وتبعثر الصندوق السريّ
هي التي صرخت في مساء بعيد:
" أشهد أني قد عشت" 2
كذبت عليه حين ألتفت حول عنقه
وشربت روحه
الكلمات سياج الكذب الرائع

نحـت

... وأنتِ تصعدين تَلّة الرمل
كانت قدمكِ الصغيرة
تغوص في كذبكِ المدهش
وعينكِ تعوم في اشتهاء صامت
مكركِ فسر المطر المحتقن
منذ عصور بعيدة
والصخور التي نحتتها خطواتكِ
حقل أثري مجهول
غناؤكِ الشجيّ والموسيقى المختمرة
في هبات الخيانة
وهبا النوم المتقطع كثافة راكدة
وأنا أعكف على حقن الأسرار بمائي
كنتِ ترتحلين في أركان المكان
وصدركِ الباذخ ميقات حقدي البطيء،
يحنّط الوقت بأقاصيص رائعة
فأختبر موتي اللذيذ!
ولا موت، يعبر خارج خصركِ النابح
وخارج سيرة روحكِ
النائمة تحت العريش
تصعدين مساء بدويًا،
بأساور فضيّة وعِقد مَرجان
يضيء ظلام الوحدة
نساء كثيرات، يرتدين جسدكِ الغجري
ويعبرن وهاد روحي المبهورة؛
فيفيض الرمل بباطن كفي
...................
...................
بلا تذكار أحتال لطيور في البعيد
حفريّاتٌ قديمةٌ

1

ترجين الماضي و تدخلين هباءً متخمًا بالذكريات؛ فالوقتُ الذي كان ينام على ركبتكِ كهِرّّة، ينثال الآن مرعوبًا وأنت تفصدين قلبي بأصابع ملتهبة يتساقط المطر بالخارج.
مهيّأ لك تمامًا، لا أدق أجراس جسدي إلا فضة ضحككِ الرنان؛ فتبتل مساحات خلف الباب. ثمّة ما يهب الهواء رائحة طازجة، لمّا ترتجلين دخولاً صاخبًا؛ فتشرب الجدران همسكِ المتسلط.
أدرّب حواسي على التقاط تفاصيل وجهك المنزوي تحت قسماتك الضاحكة؛ فيكون ما يعتريني سقوطا حادًا إلي هاوية غامضة. تخطين بقدمكِ على السجادة العتيقة؛ فتتوتر الجدران تنمو رغبات ميتة منذ الأمس البعيد.
باهظ انتظاركِ، أظلّ أنحت أكاذيب تليق ببهاء جسدكِ الهمجيّ، لمّا تأخذين يدي قبالة عينيك أثرثر عن: صحراء مبلولة، زنابق على حافة الشرفة و طيور تحطّ قبالة هوسي المنفوش.
تطأين صمتي حين نقترب من نهاية الشارع؛ فأنتبه لهواء طرى يخمش وجهي هادئًا وصارمًا تدخل، أعمى لا يعرف غير لغة الأصابع هذا ما وهبكَ هذه الرهافة، أشعلُ الروح بالغناء وتشعلها بنار الأصابع.
تعبر غرورًا ثقيلاً كوهج ظهيرة، أرمى على كتفكَ نظراتي وأنت تتذوق نكهة الصبايا بالسخرية والعجرفة، أعي نظراتك التي تمسد أردافي كل صباح في طريقي لأسقى الشتلات، يأخذني مكر الأنثى لم أضبط عينيك مرة، ذلك ما أشعل الحريق برمل الشارع.
أخطو مأخوذة بانتصارات على حافة صدري، كنت تمرّ صامتاً بادعاء ممعنًا في غيّكَ و الكبر، ووجهكَ المترامي خريطة ضللت دروبها شهورًا عدّة، أرسم على جدران الغرفة الرثة عيونًا عميقة كاذبة، ثم أدق في جفونها مسامير؛ لأثبت النظرة الثاقبة.
تطلُّ علىَّ من النافذة وأنا أتعرى؛ فأنزوي في الركن حين تباغتني يدك الجميلة، راسمة خطوطًا لينة، تؤطّر خيالي على الجدار.
كم كان فاتناً ثقل أصابعكَ على الطاولة.

*

زهرةٌ صغيرة
في حجركِ المضموم
تنسج أوهامًا أمام الباب
المشرع لليل بَهيّ
مسافات يعبرها الترقب
قبل أن يصل إلى:
شفتكِ المكتنزة
ووجهكِ المضرج بالدماء
الزهرة الآن تتعلق بصدركِ
تقاوم الذبول الذي يعتريكِ
قبالة الهدوء الكاذب
والاحتقان المتنامي
لشعوركِ المكتوم..
هذا التردد
يرهق الشارع الخالي
***

قاهرٌ صمتكَ، تصعد برائحة نفاذة
أشرع الأبواب وأظل أنتظر
تمطر لأيام أمام باحة الدار
و أنتَ مشغول بنحت الكلمات
وتحنيط اللحظات
ينسحب وجهكَ الهائل
على الأرض الماطرة
وجدران البيت تنزّ الحيرة و الإعياء
أغسل عتبة البيت؛ لعل ما سقط منكَ
يزهر بجوار النافذة المغلقة
تقد الأوقات فجأة،
بحضور باهت
فأحمل قلبي و أفرّ إلى الجارة
التي زرعت الفخاخ بطريقكَ

***

2

تشيّعين السعادة البسيطة بابتسامة ترسم خطوات صغيرة باتجاه الشمال، تخنقين دموعًا بشرشف السرير، وترمين للمرآة ملامحك؛ِ فيرعبك النمش على حافة شفتكِ التي نسيت القُبل.
مدفوعة بحدس مروع تذهبين إلي الفجيعة مشرقة، و أنتِ تَسعَين كثعلب وراء خطوات شاحبة، مازال قليل من الدموع ينام الآن على الباب والداخلون يطأون ما يشبُّ ليلقط الهواء الشحيح.
كلّ هذا التبغ والصمت لا يفسر المسافة بيننا؛ فتحرقين أصابعكِ بالشاي المنسكب فجأة؛ ولا تشعرين بما يعتري كفىّ من ارتجاف مفاجئ يسقطني خلف قسمات وجهكِ المزمومة.
أعبّئ قليلاً من الهواء برئتيّ، أزفره خارجاً؛ فتعشِب الهواجس، أسوق قطعان قلقي وأتقدّم في المدى المفتوح، تلك سيرتكِ تنشع من جدران الغرفة الغافية على السر؛ فيبرق حضوركِ حادًا كنهار صحراوي.
كيف أعبر هذه الفُرجة ؟! علّى أصبُّ هوسي خلف الجدار الشاهق.
لن تمطر اليوم؛ فالغيوم التي كانت تسقط لتبلل شعري، تكابد مرضا عضالاً وأنت تغرقين تحت قاع الجدول.

2

لا أبكى أمامكَ أبدًا، فانهمار وجهكَ بأركان المكان لا يمنحني فرصة أخيرة؛ لأختبر صلابة روحي الهشة على ذبذبات صوتكَ بالباب، يبدهني ثقل حضوركَ؛ فأجفل من دقات قلبي، أرمى نظرتي المشتاقة على صدركَ، تصدني بجهامتكَ.
دوما تنوء بحمل الكلمات التي لا تقولها، كأنّما تهاب أن تتهافت أمامي؛ كأنما أنت الرجل الوحيد، لا تهبني ما اشتهيه أمامهم.
وصدري يعتمل بأثر حفريات قديمة، يتهيّأ الليل للرحيل؛ فتحمل عيونكَ لغة بدائية عاتية لا أصمد أمام وحشيّتها، أترجم مفرداتها بأصابعي المشتعلة، وأسرق وجهك وأخبئه بصدري.
الصباح الذي يدقّ نافذتكَ، لا يهبك فرصة لغسل هواجس الليل، أبصر كفّيكَ الهائلين يزرعان القلق بالجدار المتهاوي. هذا الخلاء الذي يعبر روحكَ تحت القمر، يترككَ في الصباح منهكًا، أسحب ذكريات موغلة في القدم: صخور ناتئة وصحراء غافية و صراخ بدائي يصعد الفراغ فوق رأسي، فأجفل من الجدار.
النجوم العالية تبلل خديّ.

3

منشغلة بالزغب حول فمكِ الشهوانيّ، وعَقد شعركِ الجعد على عنقكِ المسحوب كخفقة ضوء، تكابدين الصباح الذي يقفز فجأة أسفل النافذة المفتوحة، وجسدك الشاسع يتمدد على الرمل، ترمين سوتيانك على حافة السرير؛ فيعبٌّ الصباح فنجانه ويمضى.
قرينة المساء، تتنفسين بعمق في الأصيل الذي يتقدم ببطء على انكسار الشوارع، تمارسين هوايتك الأثيرة في اقتفاء الأثر وصياغة أكاذيب صغيرة تسلى وحدتكِ.
الغناء المنبعث من أقصى البيت يخفت بفعل الحنين الحامض، وتتبع هسيس لمسات الأمس على أصابعك المنشغلة بالطهي.
ليس الضحك وادعاء الفرح ما يهبك حضورا قويا الآن، ربما، بهاء الجسد الذي يكتنز شهوات تحت الدانتيلا السوداء.
ابتعدي أكثر؛ لأفسر الحزن الوحشي ّوراء نظراتكِ القصيرة، اقتربي قليلا؛ لتصل الموسيقى إلي ذروتها، نحن الآن نريق دم العصفور الذي زقزق في الفضاء المشحون.

3

أمي تفتش حقيبة يدي عن وجهكَ، تشمُّ قميصي علّها تعثر على رائحتكَ، لم تستطع أن تلحظ وجهك الهائل أمام الباب، وجسدكَ المستند إلى الحائط.
تعلم أنّى أكذب دومًا، وأنّى أقصّ أسرارًا لجارتي، التي تنافسني في زرع رائحتك بالغرفة، تتذوق لعابك على سجائرها، وتنفث الدخان بصدري؛ فأحسّ شيئاً بأحشائي.
طويل الطريق إليك في الليل البارد، والأشباح تعركُ أذني، تهشُّ عنى بزخمكَ، آوى إليك تشعل روحي بما ترتجله من قصص؛ فأعود ببكاء يتجمع ببحيرة سريّة لا تفيض، وسيرة ناقصة بكفي.
تظلّ طوال الليل تصارع الحمى، ونفث سجائرك في الغرفة، تكتب قصصًا خرافية، وتحنّط اللحظات على الورق. تنام متورم القلب تبحث عن مكائد لتقصير أَمَد النهاية، التي تعتمل بصدركَ المريض بالكتمان والهوس. تأتى النساء إلي جسدكَ اليابس؛ فيصبن بلعنة غامضة.
انسحابكَ المفاجئ؛ يسقط النجوم خلف الجدار الشاهق.

عاطل صدركِ من الحُليّ
سوى وشمي الدقيق؛
كفراشة غافية
كانت شمس تطلّ من فتحة ثوبك
مهملة
لما فسرت لك كلل بصري
نزعت زر ثوبك العلوي
واستدرت؛
لتسكبي القطيفة السمراء
على قدميك وصرخت:
انزعْ هسيس أصابعك عنى،
ارحل.
كنت أتداركُ سقوطي
بغناء يرتجل شعوري الطازج

***

الأغنية المنسابة الآن،
حفريّة قديمة
و أنا مهيّأة لتلقى أبعادكِ المنهارة
من الكوب
أتهافت أمام رعونتكَ المرتجلة
والكلام المنثال هلامًا من فمكَ
يضغط علي قلبي؛ كهواء راكد
كنت أحب عينيكَ، وانحناءك
إذ تمشى أمامي؛
فأرمي على كعبكَ حكايات
واضغط على نهدىّ؛
كي لا تبصر تصلب حلمتيّ
بفعل نظراتك الوحشية بالأمس
وأنت تمشى أمامي كغيمة عابرة
أعلب أكاذيب؛
لأعلقها بخزانة أمي

***

وأنا أصبُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ خرافاتي المحمومة
علي أصابعكِ الجميلة
كانت عيناكِ تخرقان رأسي
بشعاع من الأسى
هذه الطريقة المفضلة لديّ
لهصر قلبكِ البسيط وتجفيفه
كتينة علي صدر قميصي الأزرق
لم أكن أعلم أنكِ تعدين ألبومًا أنيقاً
لضياعي الواعد..
كنت أغفو لديكِ
وأنتِ تَقْلين السمك
تقصين عليّ غوايتكِ
القلق يجتاحني طوال جلوسي إليكِ
ربما تدخل روحي الغرفة المغلقة

***

صلابتكَ كانت تداري هشاشة وحيرة
ترددكَ المتقن أمام النساء،
شهوة قاهرة للبوح
ورأسكَ ينام علي صدري
برقت فكرة مدهشة:
"كنت ابنا لي في مكان ما"
لحظتها أخذتُ أطرّز وجهكَ
علي أركان الغرفة وداخل الخزانة
ولملمة خطواتكَ من ثوبي
السماء، التي تطلٌّ من باحة الدار
تغريني بسحب الشوارع
من حوض الزهور
وجسدي يرتجف من البرد وعينيكَ
عكفت طويلا
على زرع النجوم أمام النافذة
وتعليق جسدكَ الشاهق على الشجرة المقابلة

***

4

سأدعكِ تفرين وتوصدين الباب خلفكِ؛ لأعطي نفسي مهلة لغسل جسدي بالتعاويذ وماء مقدس؛ لأنكِ حين تسقطين على المكان فجأة، أكون متورطًا بالإمساكِ باسمكِ التراثيّ، ومناداتكِ بالأسماء المؤنثة كلها.
فالنافذة تعجّ برائحة طازجة والباحة تشهد احتقانكِ بالماء، وكِنزتكِ تعانى من الحمى، أضع خطوتكِ علي أول الدرج وأرتدّ في سكينة؛ لأروي الياسمينة.
أرنو إلي جسدكِ يرشح الضوء في فتحة الباب، تضمين نهدكِ تحت كفكِ المرتعش، تشيرين وكأني لا أري، أنسرب عبر البوابة؛ لأنعى حظاً عاثر.
الخطوات المتناثرة الآن، تنوء بحمل سيرة سرية ونحن قابلان للاشتعال تحت المطر المباغت، انزع كنزتكِ، تتوهجين رغم البرد وتمسدين وجهي بأصابع باردة، وكأنما نحن علي حافة الطيران، أسرد أصواتاً مبهمة، تحمل رطوبة الهواء إلى السماء الغائمة.
انسحابكِ الصارم، يشق الليل كشهاب؛ فأفركُ الدخان برئتي وأعبُّ الهواء الراكد تحت قمر نحاسي، الغيوم السوداء الباردة تشبه روحي الآن.
ثمّة ما ينسرب على الحائط المنهار.

5

الشكوك التي تنمو على حافة شفتكَ، لا تقوى على السير بالشارع المقفر، وأنت تتحاشى عينيّ، سقطت كلمات على ساقي وتسربت إلى روحي، تحتاج يدي النائمة على فخذي ولا تقوى على لمسها، هذا ما ملأ قلبكَ بالندوب.
والأجساد الخارجة من المكان، كلّست الغبار على أصابعكَ، نمت الأعشاب الوحشيّة على فمكَ؛ فأطلّت أحقاد من النوافذ المقابلة. كنت تنوي إطالة أمد روحكَ بحيوية جسدي الواقف أمامه صامتا، فأعبئ جسدي في قمصان معطرة وأضعه على مشجب وراء الباب.
كلانا أوجد للوساوس تربة صالحة، وكنت تخرب وجهكَ المترامي في أماكني، باليأس والوشاية. ما قتل روحكَ صمتكَ الوثنيّ قبالة ظمأى واشتهائي الصامت، واسمكَ الموصوف بنقيضه، ألصق بجسدي سيرة لا تزيلها العطور والأيام.
براءة روحكَ الهمجيّة وتاريخكَ المنسرب في صخور أرواح صغيرة، أفاض على المشهد فجيعة ساطعة.

6

نار المدفأة تقتات ما يسّاقط من فمكِ المكتنز، ونظراتكِ تخترق الحضور إليّ، كان ظهركِ الباذخ مسندًا إلي الحائط، وقدمكِ الصغيرة تداعب أصابعي؛ فتشدين على نهديك بقوة، هكذا تفكرين في إقامة جسور واهية وأنت تأخذين روحكِ من على الأريكة، تجرعين الماء من صنبور بالزاوية، وترشين صدرك رغم البرد.
تعدين الشاي ولا تفكري باحتسائه؛ فالشارع نداء ممتد كغواية، والصديقة تعبُّ دخان سجائرها في النافذة ولا تومئ، والقمر الشاحب يغذى الوحشة. أقصُّ حكايات معادة عن: مطر ينهمر، أجساد في حرير أسود تنشج، عن ضياع في الليل.
كان عليكِ ألا تصدقي أساطيري، فخروجكِ كلّ مساء تحت النجوم أضرَّ بإشراقك، والنار ما زالت متوهجة. رغم الشرود وإنسراب الليل كثعبان، تشهقين أرواحاً في الفضاء قبالة باب الغرفة، تذرفين الدموع لتغسلي ما تكلّس على بشرتكِ بفعل التحديق في نار المدفأة المطفأة.
وأنت تمسدين باطن قدمي بكفكِ الدافئ، أصرُّ روحي على عواء نحيف.

7

مشغول بالخاتم الفضيّ حول إصبعكَ الأيمن، كان كذبكَ القليل رائعاً؛ جسدكَ كان ينضح بالقبل المختلسة؛ فأزهو كأمّ برجولة ابنها.
نصبتُ الفخاخ لكلّ مَنْ مررن بجسدكَ، ورميتهن بصندوق المهملات وراء الخزانة، وصنعتُ أخلاطاً لإبراء روحكَ من سطوة الأخريات.
لم أبكِ أمامكَ، لم أظهر حزني، كنت حنوناً لا تحتمل سطوة حزني، خفت من موتكَ على جسدي وعلى روحي الهشّة من غيابكَ، عتّقت أصابعكَ في زجاجة تحت سريري ومسدتُ نهديّ برائحة قمصانكَ في الخزانة.
كانت كلمات تنام ببطن الحقيبة تزرع الغرفة بالغيرة والحقد، طارت عصافير ملونة وسقطت بجوار المدفأة. باغتني صوتكَ مساءً، وأنا أصنع الشاي الذي تحبه بالقرنفل؛ فأذبت دموعاً بالكوب.
ضحككَ ليلتها دغدغ الجارة، والموسيقى تضجُّ شهوة، تفجرتَ بفتنة القصّ كعادتكَ حتى برد الكوب.

الضياع المنظم في الشوارع
يعطى القصة وحشيّة البدء
وأنتِ معتادة على صفق الباب
خلفكِ كلّ مساء
والانطلاق صوب شهوة التعذيب
وراء خطوة ضائعة على رمل الطرقات
مبهورة بالوخز أسفل نهدكِ
تطوحي سوتيانكِ في الهواء
وكنتُ ذئباً جريحًا بوعودكِ
التي لا تصدق إلا في الهزيع الأخير
من الليل
أمسّد الضوء بالشارع أفصّل أشباحاً
على هيئتكِ، ترقص بأوله الموحش؛
لأعطِ روحي المتواطئة مبررًا لهجرانكِ

***

شرودكَ أضفى على القصة،
أبعادًا من السحر
أفسر القبلة: برائحة الجوافة،
وفتنة القص للأخريات عن:
جمال عينيك،َ
أصابعكَ الفاتنة
كانت الصديقة تفسر اضطرابي
بسطوة الخريف والعادة الشهرية
أمشى بلا سوتيان؛
لأسقط أصابعكَ عن نهدى المحتقن؛
فأبصر زهورًا تنمو بالشارع
وحول سرير بارد
ربما يفسر قلقي في الليل،
والصداع المفاجئ
ولأنني قابلة للسقوط في بؤرة مخاوفي
كنجمة صباحية،
يؤلمني جسدي كثيرًًا والنمش على خديّ
يثري نمو الفطريات
الشرهة، داخل صدري

***

حين دخلتُ الغرفة فجأة
كان نومكِ الباذخ أبيض
وأنفاسكِ تراقص الليل
المكسو بالشجر
انحسار الثوب عن فخذكِ
أغنية ممتــــــــــــــــدة
لماذا برقت في ذهني
فكرة الصائغ؟!
هذا البهاء لم يكن
من لحم ودم
كانت الفكرة مشحونة
بالعواطف الساذجة
واهبة اللحظة نعمة الصمت
وأصابعي تتحاور مشدوهة
كنت أمشي بالشارع المقفر
وحيدا...

***

الطريق المتعرج كأنف أحدب
يثقلني بالنظرات والكلام الحامض
فأمشي مغمضة عينيّ
يقودني جسدي إليكَ
وأنت قابع هناكَ تحتسي الهواء الجاف
وتسوط الجدار بمخاوفك
قمر باهت يضفي أبعاداً وحشية
على اللوحة؛ فيعلو نقيق الضفادع
أرنو إليكَ تدرب كفيك
على الهمس وارتجال الموسيقى
فاتن جسدكَ المتوحش
كتعويذة عصيّّة على القراءة
أدق الباب...
تتهاوى مقاطع مبهمة على عنقي

***

تقتحمين وجوداً باهتاً،
بصوت واهن
يعلن القلق في ساق النبتة
في الشرفة
والعصافير التي تلوذ بكتفكِ
ترمي المكان بالبروفات الصاخبة
وكنت أمدّ جذور الكآبة
في وقت يحتضر
الحزن المبهم كان طاغياً
يضغط على الغرفة بمرثية
أجوّد لغتها
وأنتِ تسعين لإحاطة القصة
بفرح باهت
يا عيني!
كل ما مضى كان صقلاً لزلزلة
تخطو بثقة في الجهة المقابلة
***

ممعناً في الهرب والهجران
تكذب على روحكَ الطيبة
تلفق لها مبررات عن أخطاء
لم ترتكبها مطلقاً
تهشُّ الذباب المتساقط
تدخل قبوًا مطليًا بدمكَ المتسرب
على حافة السرير الرثّ
تنزع من جلدكَ روائح عتيقة
وترميها في المدفأة
لا تحاول!
فالموسيقى المنسابة لا تدخل جسدكَ
بإيقاع رتيب وما يسّاقط عن جلدكَ
حفريات عصور قديمة:
قبلٌ وحشية، نهود متكلسة،
وشفاه مكتنزة
تصنع أسطورة قابلة للاشتعال

***

8

الليل الطويل الذي يبدأ من لمسة قدمكِ الصغيرة، وينتهي على وعد بإتمام الحكاية، كان يبتكر فنونًا لسوط جسدي بالهواجس والشكوك. فكم من باب يؤدي إليكِ! وأنت بوجهكِ الشهوانيّ ترجين أركان البيت، تضربين الشوارع بالهمس الفاتن وتلوكين علكة مرّة، ترشين ضحككِ الصاخب عبر الهواء الراكد؛ فالضوء الشحيح يتواطأ مع الصمت المريب.
وأنفاسكِ المبهورة تخرج لفضاء الشرفة، كان النسيم يكشط بعضا من حضوركِ الطاغي، عكفتُ على الكتلة الصماء أنحت ما يشبه وجهكِ المترامي بأركان البيت وصدركِ الباذخ.
أفتح الباب على عراء نحيف وأعبّ الدخان تحت نجوم زرقاء، والوقت حيوان يتمطى بعد بيات طويل، كنتُ أجوّد أبعادكِ في تلافيف العواطف وانعكاسها على الجدران، التي تنشع بندى الكلمات والهمهمات.
ألعب بروفات كثيرة؛ لأومئ بجسدي، ساعياً ما بين السرير و البوابة، علَّ نجومًا بعيدة تلقط روحي، ثمّ تعيدها عبر شعاع الضوء الخافت إلى نافذة هناك بعيدة.
9

ما يصّاعد الآن إلى عينيّ ليس بكاء، إنما ماء غيوم تتراكم من عصور سحيقة؛ فكل ما اعتمل في التربة المختمرة يتفجر في نوم متقطع تعبره طيور غريبة ودموع باردة.
وكان وجهكَ وحشيًا على لوحة السماء الرمادية، يسقط باهظًا على روحي وجسدي، بعيون تنوء بحمل أحزان وخيانات صغيرة، نقوش فاتنة تزين شاهد أسطورة.
وهناك بعيدًا، تجفف قلبكَ على شجرة يابسة، والجدار المنهار يكدس أحزانًا أمام العراء الفجّ، تعبّ الدخان وتنفثه في وجه اللحظات العابرة. تحاصركَ العيون فتمرق كغراب وحيد.
ما يتفّجر، حمم من الأسرار و الوشايات تخترق قلبكَ اليابس، منذ قرون تقاوم الضغط الهائل لقوى روحكَ، فتخرج ناتئا في المساء.
تنسحب الموسيقى و تترك الفراغ وحيدا.

سيظلّ السؤال المعلق
بجفنكِ المكحل
ليلتها.....
حين ترشين الضحك
أسفل الجدار
وقصاصات الخطابات السرية
الريح تكنس كلّ شيء،
والخريف هنا قاس
وغير مروض
وجهكِ ملبّد بسحب الغبار
يصارع الغرق
في الرمال المتحركة
ويدكِ المرمية أسفل
الجبل شاهد الفجيعة

***

تعلق براءتكَ على البوابة
وتتقدم فاتنًا باتجاه روحكَ
المتهالكة على الأريكة
تهشُّ عنها الذباب والذنوب
تجسّ نبضها الضعيف
تمضي بهدوء صارم
خلال الظلام...............
..............................

*****

تفاصيلُ منسية

الليل أسود
والقمر أسود
ووجيب قلبك المشبوح
على الجدار
أسود...
.........
أصابعكَ النحيلة
منارة بعيدة

***

قُبلة عجلي
مجرة..
تحتدم الكواكب بها
والنيازك المنهارة
من السقف
والتماعة عينيكِ
.........
.........
فجاج من حزن

***

قميصكَ
ارتجل كثيرًا
من الشهوات
ونام على الكمودينو
مستمتعا،
بملمس الأصابع
وعرق خفيف
يهبّ من السرير
يلعق مسام النسيج
.............
.............
وينام

***

نومكِ
الطويل على جسدي
نهدكِ
الخجول الوحشيّ
أصابعكِ تجزّ الجلد
..............
.............
مقاطع ناقصة تَشرد
وأنت تزققين ارتباكي
شهوتكِ الواثقة

***

الجارة
أطلّت على فوضاكَ
فمرضت بالحنان
والحنين
زرعت رياحين أمام البيت
ورعت تشردكَ
........
........
الجارة رمتني بالغيرة
والزهور..
لتبصر سطوتكَ بالباب

***

قمصانكِ
منزوية على المشجب
غمرت المساء،
بلون قرمزيّ
ورائحة الحنطة...
.........
وجسدكِ الغجريّ
يلكز الجدار بالفتنة
أشرعت الغرفة نافذة؛
لتطل على غفوتكِ
القصيرة
وحنانكِ الوحشيّ

***

مريضة بكَ
والحمى
وهواجس الليل الطويل
تركض بأودية روحي
تشعلني بالوساوس والغيرة
كانت أصابعكَ الهائلة
تجفف الألم
وتبرك على جسدي
المرتجف
........
........
الهذيان المحموم
يغمر الغرفة

***

هناك، بعيداً
أبعد من ذراعي
نزعتُ جلدكِ من أصابعي
وضوضاءكِ من جسدي
وتكورت
محتمياً بظلّ الشجرة
........
........
أرى شبحكِ يمرّ
مبتعدا...

***

غيابكَ..
عاصفة ضربت أوقاتي
أسفل الجدار
وأشعلت الفتن بالشارع
والرائحة تخفت بجسدي
رميت قصاصاتكَ بالباب...
..............
كان النهار غائماً
ويدخلني وئيدا

***

ماؤكِ الأبيض،
على أصابعي
صرخة ترجّ المكان
وأنا أرعى تجاربكِ الكثيرة
بحناني،
وتسامحي
كنت تنزعين قشور إيماني
وأساطيري
...............
...............
ماؤكِ الأبيض
دليلكِ إلى آخر العمر
وماضيّ

***

نوم متقطع
يعبرني
بوساوس وأكاذيب بيضاء
وخيانات صغيرة...
دموع تفيض عن القلب
تغسل ما تكلّس بالصمت
والنكران...
..............
وأنتَ
هنااااااااااااااك
بعيد.

***

الشوارع،
أحصت أنفاسي وتوجسي
ورعت انتظاري...
........................
أقدّد لحم الوقت بسكيني
وأخطو مبتهلا
أذرّ التمائم حول الباب
وان
ت
ظ
رُ
الشوارع أشهرت القلق
وأبطأت خطوتكِ

***

استسلمت طويلاً
لهذيان مرّ
وبكاء صامت
انتظاركَ حرق أصابعي
بالشاي،
والوشايات
..............
.............
أطلّت عيونكَ
بالصمت
فسقطتُ بفخ العنكبوت
الكامن خلف الباب
***

رأى هاوية
أسفل الجدار العالي
رفع ثقلها على ساعده
لأمرّ...
صحراء بعيدة
ابتلعت خطوتي
وآثاري
وصداكِ يتلاشى
بالفضاء....

***

أنفاسكَ الحارة
كانت تلعق جسدي
برتابة
وتطيل الوقوف خلف أذنيّ
وأسفل بطني
تنسج شرنقة لماضيّ الباهت
وتسقطني ببئركَ؛
فأشرب العطن الراكد
والطحالب،
امتصت روحي
...............
...............
أنفاسكَ الحارة
وماؤكَ المشتهى
غمرا أيامي بجيناتكَ
وهلاوس سوداء

****

سيرة ذاتية للمكان

المكان الماثل
شاهد الحكاية، متغلغلة به.

صحراء...

كرغيف طازج
تغفو على رُكبة البارود
والعراك العائليّ
تصحو ليلاً
جنيّة تحت ضوء القمر
تغتسل بالريح
الصحراء،
هيّأت للأقدام المجهدة
متكأ ليناً
وأفسحت للمشاوير
فضاءً رحباً، بكتف الليل
_ كان يفرك عينيه من أثر النعاس مشدوهاً_
فالخطى تخطو على نتف الكلام،
واللمسات
تجتاز كل مساء بالشجن الراكد...
همهمات الأقدام المختلطة
منذ البعيد
رهبة خافتة بالقلب
لاذعة كمذاق الليمون
وتوتر لذيذ على حدّ القلق
.........
.........

بيت...

مأوى أرواح مجهدة
تتناسل في شغف بارد
وأجساد محمومة
تنام على أقاصيص شجيّة
سياجه الواطىء
يحاصر القلب بالفضاء
وغناء ينبعث من الغرف
الغافية على أسرار معتقة
الحوائط تنضح:
الرطوبة،
الشهوات المتعجلة
والحسرات الشاردة
كطيور مذعورة
البيت،
سيرة الحزن المكابر

مدخل...

يسع جسدين بالكاد
متقابلين
يقف مجهدًا من دقات الأصابع
ينتظر كل مساء:
رائحة عرق خفيف
وأنامل فجّة معطرة
ينصت باهتمام بالغ
لحفيف اللمسات
القُبل العجِلة
والتنهدات
يكتم شهقاته القصيرة بعفويّة
ويغفو...
ملتذاً بذكريات الأجساد
................
...............
المدخل ينتحب الآن في صمت

غرفة...

وحيدة، بعيدة
في أقصى الركن منزوية
ومشدوهة
تعاني من الهذيان المرّ والجنون
وتنام فجراً على:
الوشوشات النزقة
والقبل العميقة الطويلة
الغرفة رأت _ ما لم تره عين_
رأت:
المنامة السوداء المطعمة بالدانتيلا
الجسد الأبيض،
البض،
المنفلت كالضحى القريب
سقوط الحمالة المتهالكة
عن الكتف المتحفز
والأصابع المتشبثة في عمق الغرق
رأت: النوم البديع
الطويـــــل
المتقلب على الأرض العارية
إلا من ورق الجريدة
والمرآة المشدوهة العابثة
ترنو للسان المتذوق
الزاحف بدفء الكهوف
متذوق الجوافة الصباحيّة
المزّة
كثمار الجنة البعيدة...
........
اليقظة المتثائبة تؤوب
رويداًُ...
بالغرفة كهف الأسرار:
خناقات قصيرة كطيور الليل
صرخات رائقة صاخبة
لاهية
والعتاب الطويل كرشف القبل
....................
....................
الغرفة كابدت الأحقاد،
والوشايات
تركت أخاديد غائرة
في الجدار المترفّع
حلمت بطفل يكتب على الجدار
شعراً حداثيّاً
يخلد سيرتها بالشجن المستعاد
وطفلة صافية
تزقق الطفل محبة
وموسيقى هادرة
وغناء........
..............
الغرفة البسيطة
التي شهدت لحظات الفراق
والكلام المحايد كالرخام
تعاني من هذيان مرّ
بالكاد تستند على الجدران
منفوشة الشعر
زائغة النظرات....
......................
الغرفة رأت ما لم يره بشر

****

الحركة الأخيرة

الموسيقى المنسابة برهافة
من الكاسيت العتيق
ليست دليلاً علي قداسة المكان
والجمال الجالس مذهولاً
لا يبرر ما يعتري الغرفة
فكل شيء علي حاله:
السرير العتيق الطراز
المرآة المشدوهة دومًا
والأرق...
تصعد الموسيقى أفق النشوة
الغامض
وتذوي بأناقة...
..................
ما كان سيكون برغمنا
نحن الراقصان على الحدّ المرهف
فالخيانة ليست حاضرة في اللحظة
قَدْر ما هي محاولة للتجريب
وابتكار أساليب مغوية؛
لتوريط القلب وصلبه على الجدار
القلب...
هذا الذي عانى من الإجهاد
والعواطف الساذجة والمحبة
...نحن الآن صوت واحد
لا نقدر على كتمه أو مداهنته
فالحقيقة إننا منافقان
كاذبان
ومخادعان محترفان
رغم صدقنا الأهبل وهفواتنا
فقد ابتكرتِ أشكالا حداثية
لصياغة أكاذيب تبرؤ روحكِ
من هواجس الليل الطويل
الذي شغلناه بالثرثرة التافهة
حول شئون البيت
وتعليق همز الجيران على حبال الغسيل
فأنتِ المبتسمة،
رغم الغليان المعتمل بروحكِ
المتسامحة
الحاقدة
الغافلة
ومدبرة المكائد النبيلة
لم تفلتي من المصير المحكم
تلك اللعنة التي ضربت أصل العائلة
وترددكِ هذا المغوي رغم الصرامة
أفادك في التلاعب بالعواطف
كعرائس متحركة
التهمت أصابعكِ فيما بعد...
.................................
نعم، كنت تضيئين روحي
بكنوز تصرين صدركِ عليها
وتفقدين المسافات بمشيكِ
على حافة الليل
... يا لخيبتي!!
لم أرَ قبحك خلف الجمال الواثق
ربما كنتُ أنصفت نفسي
ولم أتجنَ عليك بهذا الشكل القاسي
كان يمكن إزالة البقع
بقليل من الصبر والكشط الهادئ
لعاداتك الفائضة عن النص
تصوري لم أثق بامرأة قبلك
لذلك رميتك بهن دفعة واحدة
_ أحد أخطائي القاتلة_
لم أرعَََ تجاربك القديمة
لم أحدب عليها؛ لأنقذ روحي
من فتنة الشك والأمومة
فلقد نزعتك من محيطكِ
بلا بكتيريا نافعة
وصببت على تاريخك أحماضًا
لإزالة الكلس والترهات عن شفتيكِ
لم أقصد إدانتكِ
فقط كنت رومانطيقيا أكثر مما يجب
فامتلأت المسافة بالتوجس
................................
................................
الحرب الضروس التي خضناها معًا
صيرتنا قصة مثل: قيس وليلى
أو عطيل وديدمونة
عطيييييل
نعم أنا عطيل!
السمّاع
المخدوع
الجبان
لم أصرخ في وجهك: يا عاهرة
تُرى كيف سيختلج هدبكِ المكحل؟!
أم أن الدموع ستعثر على طريقها
أخيرًا؟؟!!...
كان يجب أن أصرخ في الجهات البعيدة:
أنا القاتل البريء!
والمقتول المدان!
.........
.........
الموسيقى تخفت رويدًا
و
ي
ا....
الضربة القوية على البيانو
حركة أخيرة تذوي.....
.............................

****

S_abushabana@hotmail.com


إقرأ أيضا