فاطمة الناهض
(الشارقة)

أكاذيب لحياة ثانيةحتى بعد أن غادرت،
ظل جانبك من السرير فارغا ولك وحدك. لا انقلب صوبه قيد شعرة أو اسحب ما يخصك من غطاء السرير مما يعنى أن اشعر بالبرد اغلب الوقت واشتكى كأنك ما زلت موجودا، وكأنك تسحب الغطاء كله عنى كعادتك، وحين أبدا بالتذمر تسحبني أنا أيضا وأنت تضحك وتسال أن كان الدفء مناسبا لصباح شتائي أوغل في جديته حتى حرمنا النوم

انظر بنصف عين إلى كم الكتب الأخذ بالارتفاع إلى جانبي قرب السرير وانظر إلى جانبك الأنيق الذي تنام عليه مجلتين هانئتين لا تتغير فيهما إلا أرقام الإعداد وقلم رصاص مبري بطريقة مثيرة للتساؤل وكأنك ستفقأ به عينا أو ستستخدمه كسهم،

ويتباطأ فهمي شيئا فشيئا وعلى نحو مربك حين تبدأ الشمس في خداع الوقت، يصبح المكان اقل ظلاما وأكثر تشجيعا على الكسل و علّى الغوص مرة أخرى بين الأغطية التي كانت أكثر دفئا من اى شئ آخر على سطح الأرض، قبل خمس دقائق.
لا يقترب النوم ولو خطوة واحده وأنت تعبث بذاكرتي حتى ونصف السرير فارغ وبارد والجزء الخاص بك من الغطاء مرتب على جهته وكأنك ستتفقد مساحته بعد لحظات،وأنا على الطرف الآخر، أنام على طرف السرير على جنبي الأيسر أكاد أموت من شدة الضغط على قلبي، أو اسقط على الأرض، أتكوم مثل جنين ، ارتجف وأنا أضم ركبتيّ لصدري، في محاولة يائسة لاستحضار بعض دفء قديم

* * * *

الصباح الذي اعتدت عليه توقف عن طرق بابي مذ قررت أن هناك أشياء أهم في الحياة من الحب، أشياء لم اعرفها ولم نتفق عليها.وتنال من حكمتي .
الصباحات التي تلته صارت مجرد أرقام تتكوم نهاية الأسبوع عند قدمي كإصبعين مرفوعين بعلامة النصر، كأنها تعزيني انحنى تمكنت من الحياة سبعة أيام أخرى في غيابك
اعلم انحنى سأتوه ذات يوم، وأضيع بين الأرقام،وما إذا كانت سبعمائة ألف أو سبعين مليونا وأنسى لماذا بدأت في العد أصلا وأنا اعلم انك لن تعود في نهاية ايى رقم كان وان الأشياء الأهم من الحب قد أخذتك إلى ما لانهاية ولم تترك لي غير هذه الأرقام الباردة
التي سأضطر للتوقف عن العبث بها عندما تبدأ الذاكرة هذيانا من نوع آخر.

* * * *

هل ستبدأ بالغضب منى الآن، حيث أنت، لتظاهري بكل هذا الغباء، في سبيل أن نستمر فترة أطول؟ أم كنت تعتقد بان هذا الغباء المحبب كان صفة ملاصقة وحقيقية لما كنت عليه في الواقع؟
كنت اعلم
نعم كنت اعلم انك خنتني، طول الوقت كنت اعلم,
ولكنني فضلت أن أمنحك عذابا اكبر من قدرتك على التنفس،تستطيع أن تحاول خلاله، تحت وطأة شعورك بالذنب، أن تبحث عن أثمن كنوز الأرض لترصف بها الدرب الذي أمشى عليه، وتقفز مذعورا من نصف نومك، تتاملنى في هدوئي المريب، وما إذا كنت سمعتك تردد غير اسمي في حلم عابر، أو لمجرد التأكد بأنني ما زلت على الطرف الآخر من السرير!
كنت اعلم طيلة الوقت،
لكنني اخترت أن ابتسم لك، وأنت تتوجس من خطوتي القادمة، تتلوى في الداخل وغير قادر على الحياة فعلا، حتى وأنت تمطرني بكل هذه العواطف المخيفة، وتكاد تحيلني إلى كائن بحجم عقلة الإصبع لتغرسني في قلبك إلى الأبد، وتستريح.
كنت تريدني صامتة دائما، ومطيعة وقادرة على الإتيان بالمعجزات في نفس الوقت، كيف؟ لا أدرى ولكنى اعرف شيئين أو ثلاثة استطيع تسميتها،لأصف ما تريدني أن أكون عليه فعلا
وأنت تتظاهر بأنك تحبني كما أنا مكتنزة مثل فاكهة في أوانها، ونحيلة كوحي بعيد،
ادخل حياتك واخرج منها آلاف المرات في يوم واحد دون أن تضطر للامساك أبى، أو تبادلني انفعالا بانفعال،أو تتصالح مع ثرثرتي الطويلة، الكأنها حكايا شهرزاد
أتركك تدور حولي، تتفقد خطوط الطول ودوائر العرض بخشوع يليق بما بيننا من رباط مقدس لتطمئن، ساخنة كحياة ثانيه ما زلت،
وكل ذلك الابتسام، الآسر،العريض ،المضئ، المستمر،يهجس بولعي الغامض،وإسرافي فيك ، لكنه لا يمنحك حق أن تفطر قلبي.من جديد.

* * * *

ضجيج الأوراق المتساقطة في الخريف،في انحناءات المساء مثل وداع رصين،
يجعلني أتعامل مع شحوب الموسم بتوتر جاهز، أو افتح النافذة لنفس الصداع مرة بعد مره بعد مرة بلا اكتراث.، وأتذكر كيف كنت اهرب منك كأنك نهار طويل لا يريد أن ينتهي، وأنا كائن ليلى مستوحش، وحزين. دسستني مثل وردة داخل قميصك، وأنت تتجاوز أبى براري الشك، بينما كنت أخلعك مثل ذنب قديم و أنا أسرف بك الظنون.
كنت تتولاني بالصبر وأكافئك بالطيش، أعاقبك بكل ما أوتيت من توحش، واراك اضعف من أن أستنزفك بمغفرة سريعة ، لكنني اعلم انحنى أعذبني ، لانحنى لا أرى غير وجهك حين انظر في المرآة، فلا يعود بامكانى أن أتقطع أكثر .

* * * *

أتذكر سلفيا بلاث كيف أخذتها شهقة الخيانة إلى الموت، ولم تمنع تيد هيوز من استئناف حياته،
لكنك لم تكن خبيرا بما يكفى لتكون تد، وأنا لا املك من الجرأة ما يسمح لأكون سلفيا، نعم ربما أكثر طيشا، لكنني قد أكمل حياتي على نحو اشد إيلاما
من فرن الغاز،شئ اقرب إلى ولائم مستمرة لذئاب الصبر،تترك دمى على أشداقها،كلما حملت الريح همهمة صوتك في الغياب، أو تراءت ملامحك في مرايا النوم
وها انذا في هذا الصقيع الأشد فتكا من فرن سلفيا،اشعر أن حياتي قد تعرضت للنهب
أمكنة ومواقيت، فصول ومشاعر، فاسقط في الكآبة

* * * *

شتاء آخر يمر وأنت بعيد، لا مطر، لا ثلج، لا ريح تصفر خلف النوافذ، ولا برد ترتج له العظام، رمادي وبلا طعم، لدرجة العويل.
استحضر حبك مثل تعويذة تحميني من الموت، وانتظر ، ماذا؟ لا أدرى، ولا يحضرني سوى اللون الأصفر لقلم الرصاص، أما لوحاتك ا عن الحرب فقد تبرعت بثمنها لملجأ الأيتام_اعتقد انك لن تمانع_ لأتخلص من شفرات إضافية تبضع في الصبر والعزاء ليل نهار.
ثم ...
.كأنني بدأت اطعن في السن فجأة خلف ستارة الوقت، الفج، الذي لا يعرف حقا ما كان بيننا، ويستمر في الخفقان.

* * * *

الصيف من جديد..كأنك خرجت للتو، ونسيت الباب مواربا،
هل ينبغي الآن أن اغفر لك، لمجرد ا انها كانت زلة بعيدة وحيدة وملغية ولا تعنى غير ما عنته وقتها ؟ أم من اجل أشياء كانت أهم من الحب، أخذتك إلى حيث لم اعرف عنك شيئا؟
هل ينبغي أن أحس بالذنب لأنك لم تعد هنا، ؟أم لأنك تتنقل بين البؤس والبؤس لتعيد تشكيل الحياة على طريقتك، من تراب لتراب، ومن دم لدم؟
المغفرة؟ أم الواجب؟ أم الكرامة؟ أم كلها في حقيبة واحده، تلك التي دسست فيها عددين قديمين من مجلاتك المفضلة ومذكرة صغيره بحجم الكف وقلمك الرصاص (لم أحزر بعد كل هذا الغياب الطويل الشائك، لماذا قلم الرصاص، ولماذا هو مبري هكذا ، أو ماذا ستفعل إذا انكسر ، إذ لم أرك يوما تستخدمه أو حتى تطعن به الأوراق من باب المزاح) تلك الحقيبة الصغيرة التي تمنيت بصدق أن تتسع لما هو أكثر من الذكريات،وأنت تغادر في ضباب الوقت، بمرح لا يتفق ولوعة الفراق.

* * * *

عندما كنت أودعك في نزق واضح اقرب لعدم التصديق،لم أكن اعلم انها المرة الأخيرة التي أرى فيها حياة كاملة، تذهب معك، تخرج من الباب الموارب، والى الأبد.
وعندما استعيد ذلك الآن أفكر، ماذا لومنحتك وقتها فرصة ثانيه، وبكيت قليلا مثلما تفعل كل المخدوعات قبل أن يعترفن بقليل، أنهن كن على علم بالخيانة منذ البداية. أكنت ستبقى أم أن ذلك لن يحدث فرقا لأن قرارك لم يكن مرتبطا بكل الأكاذيب الجميلة التي جعلت الحياة ممكنه في تلك الأيام والتي ر بما كنا نحيكها لحياة ثانيه، لكن ما لم يستقر في وعيي حتى الآن، انك لم تخرج من حياتي وحدي ذلك النهار،ملبيا نداء الواجب كما كنت تحب أن تعتقد، بل خرجت من الحياة كلها، حين افترستك لحظة لا علاقة لها بالزمن ، لمرورك العابر،غير المهم ولمجرد أن تختصر الطريق، بذلك الحقل المزروع بالنصال الناتئة مثل أحقاد قديمة، خرجت من الحياة دون أن تدخل حربا حقيقية، تبعث لي فيها من الجبهة رسائل الشوق والحنين، ربما بقلمك الرصاص المبري جيدا من الجهتين.