فاطمة الناهض
(الإمارات)

هذه
ال" لو" التي تفتح عمل الشيطان
الواسعة الحيلة
المثابرة مثل النمل، الأشد مكرا من الثعالب،
تحاصرني اليوم من كل الجهات
تجتاحني مثل طوفان مكتوب باسمي
تقف بثقة امرأة تعرف انها ليست جميلة لكن انحناءاتها القاسية تجعل اشتهاء البكاء أول أمنية تتقدم على الموت
ال"لو" التي تكاد تقنعني بأني قتلت ثلاثة أجيال من طيور البحر
وشردت قبيلة بأكملها من البدو الرحل

****

لو ان أصدقائي،بقوا أصدقائي
المجانين مثلى
الكرماء، الذين تمتد أيديهم فى اللحظة المناسبة
تمسك بقميصي من الخلف، فى منتصف السقوط أمام قطار المساء
او تلتقط جسدي بخفة قبل ان يمر
الأكثر حنوا علىّ منى،يضعونني تحت معاطفهم،فى الصقيع
وينزعون مظلتي من يدي ،حين تمطر
ويتركونني نهبا للسعادة،حتى ابكي.
ولو ان أعدائي ظلوا على حالهم
أعدائي الذين كسبتهم واحدا واحدا عند كل فشل
المستعدون لدهسي عندما يحين الوقت
والممتنين لإنسانيتي حين تكون لي اليد الطولي
ولهم صدأ الأيام
أعدائي الرائعين،
الذين لا تكون الحياة كاملة دون وجودهم الشحيح
لو ان أصدقائي وأعدائي، لا يجتمعون فى درج واحد
فوق رزمة ناحلة من ورق المطابع الردئ
يبحثون مصيرهم الليلة، بمجرد ان تمسك أصابعي
قلم الرصاص.

****

لو ان
درب المدرسة الموحل فى الشتاء
الطويل مثل طريق موحش فى غابه
لاينغل فى دمى الآن، ومنذ الصباح الباكر
بعد ان ضلت قدماي التراب وأنا اختصر الوقت
من مقعد غرفة الطعام الى مقعد السيارة
من مصعد البناية الى كرسي الاعتراف
ومن كراسي المقاهي الخشبية
الى مخمل أرائك البيوت
حتى بت أخشى لفرط اختصار المسافات المخل
الا أجد ما أضعه فى حذائي ذات يوم.

***

القلق الذي يستيقظ معي كل صباح
اختفى اليوم،وترك فراغا هائلا بحجم كوكب صغير
كأنك تهدم جبلا
او تصطاد غيمة
او تقطع فلاة
شعرت بالبرد
وبدأت ابحث عن أسباب جديدة لأقلق
أتدثر بها كل لحظه، لكي يمر الوقت بسلام

****

لو انك لا تذهب بعيدا
كي تثبت لي نبل هذا الشغف المتوحش
مثل ضوضاء مكبوتة خلف باب موصد
فهو شئ كالصدف النسبية
قد ينحسر مثل احتمال وارد
او يسترسل مثل لغز
لو انك انتبهت فقط لفراغ مكاني الى جانبك منذ ثانيتين
لصدقت انا، هذا الإثم المسرف فى تعلقه بالخيال
ولقضيت بقية عمرك فى شك يتناوبك مثل المرايا المتقابلة..
صقيل وبارد ويحاصرك أينما التفت.

****

لو ان البحر التفت مرة واحده،
مرة واحدة فقط
حين قال له الشاطئ لا تذهب
البحر، الذي يعرف ان الشاطئ سيكون فى انتظاره دائما
حين يعود
لو اني.
لو أني لا أخشى "عمل الشيطان"
لزرعت ال "لو" من البحر الى البحر
ووقفت أتبادل معها الى الصبح
أنخابا من زبد البحر، كأسا بكأس، ورشفة برشفه
عطش على عطش
كأني أعض يدي
او كأني ، أعب من دمى، ولا ارتوى.

مايو 06