فراس سليمان محمد
(سوريا/ أمريكا)

فراس سليمان محمد أن أحبك بهذه الغرابة التي لاتفهم

الرجفة
التي
وقعت
من
يدي
على الطاولة
حوّلت المكان
الى غابة

* * *

كأني أقرأ لك شعرا
كأنك تسمعين
كأن الجمهور
صفقة باب عتيق
فقط
لو الذاكرة
لم تكن جالسة
في المقعد الأول

* * *

وكل بقع الفراغ الأليفة
في الروح
كل هذا الواسع كل هذا الهائل
يبكي بجلال نادر
أمام قطرة الفرح العالقة
بين جسدي وبين الكون
أيها الجسد...
وأنت تشبه غبطة قدّيس
وأنت تشبه الماء
لاتعد الى بيتك أبدا

* * *

الآن أفهم المطر كثيرا
وأنا أرى وجهك غائرا بين يديّ
الآن ..حيث الفرح
وحيث عصفور صغير
يسحب الزرقة كلها بمنقاره
وحيث صمت لاأعرف من أين أتى
يقلب الذاكرة على قفاها
الآن .. حيث أنت
على الكلام أن يغيّر عاداته

* * *

وأنت تصنعين أشياء عادية
تشبهين يديّ في أقصى الحلم
وأنت تكذبين عليّ
تضحكين
كم ستتسع هذه الحديقة
وكم ستتجرّح قدماي من الفرح

* * *

أن أحبك بهذه الغرابة التي لاتفهم
أن أمسح الغبار عن أحجارك الكريمة
أن أحرس مواعيدك وأوهامك
ككلب عجوز
أن أعمّر لأبّهة جسدك حيطانا من وقصائد
أن أرتجف من شدّة ما أخاف عليك
أن ألهث من شدّة ما أسمعك
ان أخبئ ياسمينك في ذاكرة مجعّدة
وأنسى كل ماعداه
أن أقعي كوهم مجروح
تحت نافذتك الزرقاء
منتظرا أن يسقط عليّ صباح صغير
أن أرقب عجلة الحب
وهي تدور باتجاهين
أن أمتثل لك برهافة كما لم أفعل ابدا
وأترك روحي تذوب على مهل
فوق بنطالك
أن أكتشف أنّ جسدي النحيل
يرنّ في حضورك مثل حرس العيد
أن أحبك بهذه الغرابة التي لاتفهم
يعني أن أتفتت خوفا كما لن تفهمي أبدا

* * *

نلمع من الا نتظار

مثل خطوط النمل
يريد الكلام هذا
أن يصل الى وكره
كلام ..
جمع ما استطاع
من قش وحنين

* * *

أنت الملكة
قصصت لي
شعري وأظافري

* * *

قصرك الصغير
الجميل
ما أعلاه ...
جسدك

* * *

من البحيرة
جلبت لك ماء
لتستحمي
من ضوء القمر
من صنع ستارة

* * *

مثل ساحر
ضربت كفا بكف
وأضأت لك البهو
بعد ذلك
لم أعد لأرى

* * *

ونحن نخبئ نجمنا
تحت الأحجار
هجمت علينا
قافلة من الشجر

* * *

قمر برتقالي
فوق تلّة القشّ
وكان جسدانا ..
الثالثة صباحا
عربة محطمة
مشدودة الى عتمة
الزمن

* * *

أرواح الحطابين في الجبل

أخيلة الشجر
الضباب
دانتيل الهواء
غيوم ملونة
وربما لاشيئ
سوى أصبعك فوق شفتي

* * *

يعذبني عقد الفضة العتيق
صورتك
يعذبني أن أنهض
كعجوز مريض
وأكنس الزبد
الذي فاض
من
كنزتك البيضاء

* * *

القهوة بردت
وانت لم تستيقظي
الصباح عالق
على النافذة
أنا
والكرسي
والطاولة
نلمع من الانتظار

* * *

ملاك الخشية

هنا أخربش أشيائي .. وأتدرج مثل لون مثل خطأ
هنا قرب جسدك أطبع قبلة ..
وأرقب بخشية سكرانة قلبي وهو يتداعى
تربكني يداك العميقتان .. قميصك الملقى جانبا
تربكني المسافة التي تورّمت بين جسدي وهواء الغرفة
أخدع عيني أوانخدع بخرائط متشابكة نافرة من اظافر
وأِشلاء مغمضة ...
وأنام
بخفوت أنشدّ على صدرك وأنام
وكي تتأكدي من غيابي تذهبين في خدر يشبه القطن
وبأصابعك تمسحين عن رموشي ما تبقى من بياض القسوة
وعن شفتي ما تبقى من كلام
هذا الحنوّ صباح يأتي من حيث يشاء
يرشّ نعاسه على المكان ... يهبط على كتفيك ويضيع
وهذا أنا صمت يتحوّل..
حطام أزمنة مترف الوداعة
حطام يسدّ بابا ونافذتين
.. مساء يشفّ في المرآة ... مروحة معطّلة
أظافر صدئة تحكّ ذهب المفاجأة ..
هواء ناشف يطيّر غطاء الأريكة
يد بيضاء تمسح الغبار
قطعة لحم من كتف السماء تقع في حضني
خوف ذاهل .. دمع ناصع لايخطئ
رجل موحش .. ونهداك .. تلتان من طحين الحلم
أتذكرين الفناجين التي كسرت .. اللوحة الزرقاء
القصيدة التي أورقت في الزاوية
الكرسي وقد ركلته .. قطرات دمي بين أصابع قدميك ..
الحمام الذي فرّ من القنينة البيضاء
ثم شعرك الذي يتطاير من شبّاك الباص
ثم الانتظار بركبتيه المرتجفتين .. ثن الأغاني التافهة
التي لم تعد كذلك .. ثم فرحي الصغير كحذائك فوق الطاولة المخلّعة
أتذكرين ...... ياالله .. ما أصفى هذه الحواس
على سقف رأسي من الداخل أرى ما سيحدث ..
أرى اللغة .. أرى حروفا متاشابكة وغزيرة
كأسراب من العصافير تضجّ ... لتفلت وتطير
أرى نفسي شرشا مخلوعا ومشلوحا في الهواء
أرى جسدك مغروسا في لحظة تتطاير.
يوقظني ما تساقط من بلّور سعالك على الوسادة
توقظني دهشتك الملساء ...
يوقظني لو أني أمعنت في النوم ـ الحلم .. أموت
يوقظني أن يدفعني الله لأراك تحتضنين خاصرتي
وتبكين من شدّة الفرح .. وأبكي من شدة ّ ما لاأعرف .

ولأنك من أنتظر .. ولأنك جئت
ماذا عليّ أن أفعل يكل هذا
ولأن في قاع الرغبة شيئا يشبه جسدي
ولأنني في القاع أصرخ ..
فيخرج صوتي حبلا من لحم فاسد
ولأنني أحسد طريقك اليّ .. أفشل في صياغة المكان
وأقع نقطة مكسورة على الكرسي
ولأن ما اكتمل نقص للتو .. أغمر وجهي في صدرك
وأشهق .. مذبوحا أرجوك أن تذهبي
لأحبك .. لأتلمّس غيابك لأحلم أن أراك بعد سنين ..
وأقول زهوا : ألم تصدّقي ان الحب هو هذا الحنين الفاحش
فتهزين رأسك وتدمعين
ولكن ماذا أفعل .. وأنت هنا أكثر من الأشياء
اذن ليكن الوهم أكثر وهما .. والزمان أكثر زمانا
ولأحتمل مغبّة اني عندما اشتقت لأحبك اشتقت لأفقدك
وعندما أحببتني أحكمت حياتك في يدي
ولأحتمل مشهد المعنى وهو يسقط قاسيا وبرئيا كالموت

عندما كنت تأتين مجنونة وكالطفلة
كنت أدور حولك كي أحرسك من الوقت
أركض في كل الاتجاهات كي لاأضيّعك
أنفخ روحي على شفتيك كي أتأكد من وجودي قليلا
وكي أطير ......
عندما كنت تأتين ـ تذهبين لم أكن لأعرف
كيف أظل قادرا على هيئتي محتفظا بالكائن الذي هو أنا

أرجوك لاتطقطقي على الدرج
فالعالم لايحتمل ان يسمع دقات قلبي
لاترنّي على الجرس فتفقأي عين الجيران
لاتدفعي الباب كعادتك ليصدر صوتا أكثر حنانا من صوت أمي
لاتعانقيني .. فتهرّ ملامحي
... هنا ليس من مدفأة حطب
ولاوسادة من ريش العصافير
ولاحصير جدتي لتفور منها الطيور والتمائم
وليس من زعتر بريّ .. ولانرجس
انها كما تعرفين غرفة باردة .. باردة
كنبة قاسية .. شرشف أكلت الرطوبة الزهور الكانت مرسومة عليه
فناجين قهوة مبعثرة .. دفاتر تختنق فيها كائنات البياض
ساعة تفحّ كعجوز تحتضر
رجل يسكن قرب جسده خائفا كنصف راهب
وخزيّ ينتشر على مهل
ي ن ت ش ر
ولايفضي الى سرّ

صحيح .. لماذا عندما أحبك أفكرّبكل الذين أعرفهم
وأحسب أن جسدينا جثة واحدة محشوة بعدد هائل
من وسائد العساكر
لماذا أبكي من أجل أمك التي خائفة تنتظر رجوعك
لماذا أفكّر بالانتحار كلما مسحت على شعري
لماذا أكره جميع أصدقائي بلا استثناء وأكرهك
لماذا نهداك وأكاذيبهم تصيّرني ملاك الخشية
الذي تلمع تحت جناحيه كتل عماء حالمة
أكاد أعرف كل شيئ .. أكاد أموت من الخوف

كلانا مغفل .. لكن هذا لايهمّ
فالتفاتة واحدة الى الأمام أو الوراء
تجعلنا ندرك ان الوقت قطعة نقود مزيفة
وربما الحب .. وربما الحياة أيضا

* * *

لكن .. المسافة

مكتمل بلا جدوى
غيابك .
ليس عادة ،
حين جسدك
في أعلى النسيان
جسده
حين اسوارتك
تنقّط
دما
عليه.
مكتمل... ومغلق
هذا الحنين

* * *

خارجا من صمته
ليحصي يدك
ليدفع الباب
ولمرة أخيرة
لكن .. المسافة
اذ ... نهضت عالياُ
أربكته

* * *

كلما فقدك ..
يحدّق فيك
بعيداُ تذهبين في عينيه
بعيدا ..
سقطتْ
من خطوته هاويةُُُ
كيف يتبعك ؟
فراغ .. كل شيء
سديم زمن
سوى جسدك يلمع

* * *

عميقاً
حفرت في سكونه
لم يمتْ
كان جسده فكرة
لو انتظرت قليلاً
روحه
نافورة لحم

* * *

مدهون حجر الخديعة.
تقفز عين الوراء
عينه .
الواضح حائط
لا تقفز الجهات .
انت ميزان الحكمة
بكفّة واحدة

* * *

هذا الحلم الذي مرّ
طرطقة العسل
في جرّة ستنكسر
خفقة حرير
في متاهة صافية
جنيّة تغطي نبع الكلام
بجديلة من ذهب ال هناك

* * *

بحيرة الظل

وكان لي أن أذعن لأبواب شاحبة
وأن أفرش هباء يديّ أمامهم
زائل .. متراص بين العتبة والطاولة.
كانت الأصوات مرخية في قعر الأخلية
وكان زمنٌ ضبابٌ يجفّ بأرجاء ترتفع ..
ثم ترطن من كثرة ثباتها .
من غمّس خيوط الضوء بالعسل وأثقلها
من فجأة رفعني الى وداع قرونه ترتعش وتتشابك ؟
وما كنت أبتغي أن أقطف اللذة من غير موضعها
غير أن الشمس ثابتة وأنا من يرى أحوالها
وما كنت لأرفع قدمي من الدم ..
لولا بقعة النور وقد فرطت حروفاَ ظليلة .
وما كنت لأحبّ .. لكنه خوفي على بحيرة الظل أن تتحجّر.
هكذا .. الجوهر ورجْل الكرسي ما أقلّ بيانهما
هكذا أنا الساكن آية المشهد ..
أنا الذي لاأطمئن الى نفسي
صدّقت شبّاكا في الهواء ينقّط مواعيدَ لاتصل الأرض
هنا حماسة الغياب ... هنا عصير العنب
هنا المائدة كلها سقطت على ظلّي .
من يمسك نتفة من الريح .؟
هنا الباب مبعثر ...
هنا الجسد حجر يفجّني
هنا الملاك لم يعد حارسا
انه يقاتل ظله

* * *

لأنك كنت

1

لأنك تأنف
تذهب ...
حتى الذهاب
حتى اللغة
لاشيء ...
وشيش
الله
وزهرة صفراء
نبتت قرب الرصيف
سحرتك البارحة

2

امرأة
غارقة بعدد هائل
من أزرار البيانو.
وكان طائر غريب
يسحب الستارة بمنقاره
وكنت
تلصق النظرة بالهواء

3

كان نسغا مرعبا
وكنت تسبق نفسك
لترى قشّ الظلّ
على
الكراسي المهجورة

4

علامة
تفوّر التجاعيد في الآعالي
علامة فراغ
أكثر صلابة من جمل واضحة
قطعة معدن سريّة
تفصل الشتاء عن الربيع
وكنت تقودهم
بل بعناد شديد
تسحب ظلالهم
أو نتف ظلالهم
وقد ... انتهيت الى حائط
من خيوط ناعمة ..
رفيعة
موشّاة
كيف العالم يهبط عليك
وكيف انت هناك

* * *

البيت لألفة يابسة

1

وحيدة ....
لا أملك بيانو
ابتسامتي
تنقّط
كحنفية
في بيت مهجور
وذاكرتي تؤلمني
وحيدة مثل ملكة
تمشّط العشب
الذي نبت على تاجها
مثل ... ملكة ..
دائما توشك على كرسي
كبئر مقلوبة
وحيدة ..
ولاأجرؤ أن ألملم
هذا الأصفر الجميل من على
جسد الخريف

2

أنا حبيبة الجميع
لكن من يستطيع أن يحبني
الفرح بساقه المبتورة
يقيس المسافة
بيني وبين أمي
أنا ...
مثل قصيدة
تجلس على العتبة
تاركة البيت
لألفة يابسة

3

أنتَ كأنك لاتشبههم
كأنك كلهم
كأنك لاأحد
كأنك كومة أطفال
شابت سوالفهم
لمّا شاهدوا النجمة

4

السلال
ملأى بالموسيقا
كيف أفرغها وحدي
الشبّاك الأزرق
لم يعد معلقا بشيئ
وأنا على حافته
مثل نبتة صغيرة
وخائفة
يا الله .. ماذا أفعل

5

هناك
في المتحف
حيث لاشيئ
ينعكس من شيئ
حيث كل شيئ
يبزغ من صميمه
أشعلت عود ثقاب
وبكيت

6

ولأن الحدائق
أغلقت أبوابها
نبتت زهرة فوق قميصي
أربكني كيف سأحميها
من هذا الهواء
ومن دم مفاجئ
ومن يد صديقي الكاذبة

7

كأني اكتشفت أكثر مما يجب
كأنّ الحياة ميزان لايحتمل
كأن الحبّ بين يديّ
افق تدهور في أدغال مذّهبة
لكن ..
هذه الذاكرة
لماذا تشبه علبة الألوان

8

من رأى صغار الملائكة
يفتتون خبز جسدي له
من رأى أصابعه
في شعري
من رأى ضبابا بنفسجيا
يبعثرني على الرصيف
من أنا
راجعة
وحدي

* * *