أمال نوّار
(لبنان/ أمريكا)

عربة وهم

أمال نوّاركنتُ على الدرب ألتفت نحو الخيل
لنْ يضلّ الوهم طريقه
في آخر الممرّ بيتي
وحيداً بلا أقفال
ونافذتي بيضاء من حنان عينيّ.
كنتُ عربة صيف كفيفة
أمشي
من النبع إلى البحر
وما حاجتي للضوء
حين يجري فيّ النهر
وعيني الغريقة في بطن عيني العميقة.
كنتُ أشعر أنّي هيكل سفينة صاعد إلى السطح،
أحشائي جافة
لكنّ زبد بحاري في عيون السماء
وكنتُ خفيفة، لا جلد لي غير الهواء
جمراتي تحملها الطيور على غفلة
وعمري كلّه بثقل مطرة
أصحو فأسمع رنين خلخال
أطرق معادن الروح بغفوة
ذلك أنّي كنتُ دنيا أضوءُ وأحلك
أمشي وأنا شاردة
خلف الباب.

***

امرأة الثلج

انظرْ إليها في الصقيع
كيف هي منغلقة على ذاتها
صمتها أعشاشٌ مهجورة، بلا ذكرى
وجذعُ الريح يخترقُ كيانها
مدفونٌ عذابُ الشجر
في ثلوج عينيها.
اسمعْ كيف تستيقظ بقايا الجرار في
البئر؛
حنانها الذي هوى
من ثقل حطامها وخفة يديها
من دعساتها التي خبتْ في نصف
نومها
من نصوع النسيان على جلدها
من دفء الكلام لفرط خوائها منه
من رائحة البرد
كي تبقى أيامها حطب أحلامها
من نظراتٍ تجمّدتْ في عرق انتظار
حنانها الذي بئره تحت قدميها
كثافة الطيور هناك في غشاوة الحواسّ
لا يُرى ولا يُسمع
ارتطام الريش في خلدها.
كيف يغور غناؤها في صرخة جذع
وصوتها يتّسع لألم غابة؟
غداََ حين يضحي الشتاء بحجم إغماضة
والذاكرة والرأس
يدوران دورة الأرض والشمس
غداََ حين يدها التي ربّتها في كهف
تهتدي بغصنها إلى ألم جذرها
غداََ حين عينها تبزغ من وراء عينها
ومن كل غفوة ينهض فجر
سترى وتسمع كيف من جهاتها الأربع
تفضّها الينابيع
ومن ذوبان النوم في الصحو
وغداَ
كل هذا البجع قلبها فوق الغمر
كل هذا اللهب فمها الغابة
كل هذا الوقت خنصرها الصغير
ولا يهمّ
أمنْ عشبٍ جسدها
أم من جليد
مادامتْ مياهها صافية
والثوب يعكس الخرير.


إقرأ أيضاُ