ألبير قصيريمجلّة "لوفيغارو ماغازين" (عدد 5 آب 2005) اختارت الكاتب المصري باللغة الفرنسية ألبير قصيري، التسعيني، لتجري معه حديثها الأسبوعي، على جري عادتها في تقديم كاتبٍ مميّز لقرّائها كلّ أسبوع، طارحة عليهم الأسئلة التي لا تتضمنها عادةً المقابلات الصحافية "الرصينة" التي تنفرد بها المطبوعات المتخصّصة.
ألبير قصيري المقيم في فندق "لويزيانا" ( شارع السين، الدائرة السادسة، في باريس) منذ ما يزيد على الخمسين عاماً، يعمل حالياً على إعداد طبعة أعماله الكاملة التي سوف تصدر مطلع شهر تشرين الأول المقبل عن منشورات "جويل لوسفيلد "؛ وبذلك سوف يتاح لمحبّي أدب قصيري أن يعاودوا اكتشاف رواياته المذهلة: "الناس الذين نسيهم الله"، "شحاذون ونبلاء"، "مؤامرة مهرّجين" و "ألوان العار".

***

ـ لا أقول البتّة بأنني كاتب. ثم على من يود التعرّف إليّ أن يعرّف عن نفسه، لا أنا.

ـ في حديقة اللوكسمبور أو في ساحة سان سوبليس.

ـ إذا كانت قارئة، عندما تقول: "أريد أن أقبّلك ". وهذا يحدث أحياناً

ـ إنهم أشخاص متسامحون حيال مصاعب الحياة. فشكوى الإنسان حقارة إذا كان لا يزال على قيد الحياة.

ـ يؤخذ علي أنني لا أعاشر الناس الذين يحبونني.

ـ يكفي أن تكون حياً. منذ أيام بثّ التلفزيون مشاهد لفتاة في السابعة من عمرها كانت تلهو في باحة مدرستها فسقط عليها غصن شجرة وماتت. إنّه لمنتهى العبث أن تموت في سنّ مماثلة فيما أنا ما زلت على قيد الحياة!

ـ هذا سؤال يطرح على كاتب فرنسي. أما أنا فذهني صافٍ وبسيط. أنا لا أرى أن الحياة معقّدة. أنا شرقي. لا أطرح على نفسي أسئلة، وأكتفي بالعيش.

ـ أنا حيّ؛ فمن أين تأتي الكآبة؟

ـ عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري كانوا: دوستويفسكي وستندال ونيتشه.

ـ جوليان سوريل وراسكولنيكوف، لأنهما شخص واحد. أحدهما يحب امرأة والآخر يقتل المرأة التي يحبّ.

ـ " الملاك الأزرق "

ـ السجائر والنساء والقهوة.

ـ نادراً ما أذهب إليه في هذه الآونة. إنه مكتظّ بالناس، بالأطفال وعرباتهم.

ـ معظم الناس في باريس ليسوا أنيقين. مع أنها عاصمة الموضة. هل شاهدت الصورة التذكارية لأعضاء الحكومة الجديدة: جميعهم يرتدون الملابس نفسها!

ـ أرتدي الملابس نفسها لسنوات وسنوات. وعندما أعود إلى الفندق أخلع ثيابي طلباً للراحة.

ـ أي مال ؟

ـ أقراص المعكرون. (?)

ـ ساحة سان سوبليس، فهناك استغرق في التفكير.

ـ دفتر ملاحظات صغير أدوّن فيه تأملاتي.

ـ الشبق.

ـ عطر "ياردلي ". غير أنني بت لا أجده اليوم بسهولة.

ـ أغادر الفندق نحو الثانية بعد الظهر، أتناول طعام الغداء في الجوار، ثمّ أتمشّى وعند المساء، حين أكون مدعواً، أغادر الفندق مجدداً عند الثامنة. وإلاّ فأذهب لتناول العشاء قرب الفندق عند العاشرة.

ـ بالنسبة لي الكسل هو وقت التأمل.

ـ لا ليس في هذه الأيام. لقد ولّى زمن عشرة السوء.

ـ أعتقد أنهم يتحدثون كثيراً عنّي وقليلاً عن كتبي.

ـ البشرية قبيحة جداً. مع بعض الاستثناءات?

ـ لا أفكّر في الأمر. لم يعد لي أقارب وجميع من أعرفهم هناك ماتوا.

المستقبل - الأحد 14 آب 2005