ليس إلى سواكِ..
قال لها صُبْحُكِ ليس أجملَ منكِ
تحت الوشاحِ أجملُ من الصبحِ
تحت الوشاحِ زادٌ وقمحٌ وطيباتٌ وبصماتٌ لأنكيدو
صهيلٌ ملونٌ
تحت الوشاح دنانٌ وخمرٌ
حمحمةُ الخابيةِ
تترقَّبُ فمي
ثورٌ سماويٌ
سدّ بقرنيه بابَ الفردوسِ
مقدامٌ أنا
و طيّعٌ في الوَلَعِ
سَلِسٌ في الشهواتِ
فما لهذا قطعتُ الدربَ
ما تكبدت هذا البخارَ في منخريَّ
ما شممت هذه الروائحَ
ما جرحت فمي
بلفحاتكِ
لأَسْبِرَ
َرحيقكِ
آَخُذُهُ إلى لياقاتِ النهبِ
ألمعُ
بين العرشِ والسريرِ
هناك لي صياغاتٌ ..؛
بتلاتِكِ
أسقيها بطوفانِ فمي
ببريقهِ الماجنِ
أُصَعِّدكِ إلى جَدارَتِكِ
هناك البتلاتُ
والبرعمُ اليقظانُ
أُحْيِيِه أنضرَ
بالقيامةِ
وبالحليبِ الفائرِ من لذعاتِ الولهِ
بالسَرْمَدِ المتفتّحِ
بالعَبِقِ المرتعشِ
ببزغاتِ الندى
من أصابعي
ظلالاً
له
للبراعم المتشققةِ
لا من عطشٍ
لكنْ من ارتواءٍ
أنقصُهُ
من ارتواءٍ
أملؤُهُ
أكمِلُهُ
المليكةُ
لا تتوج بملِكٍ واحدٍ
غمغماتُها تفيضُ عن السرير
المليكةُ مَشَاعةُ الحاشيةِ
الحقلُ العالي لنظراتِهِم
سدّتُهُم
شعرُها إليهم تُسْدِلُه
نديةً
تحت نظراتهم من المحارة
نديةً من الفراتِ
خالقِ الكروم
كرومِها الطافحةِ
بالسَّدَنَةِ
نبيذُهُم من فخذيها
الكوثرُ من يديها
من فردوسها الخفيِّ
رعشاتُ احتضارهم
لمنازفِ الوَلَهِ
إذْ
مُتَبَتِّلِين
بابليين
زردشتيين
كهنةً ميديين
ينُذرون لصبحها
عمراً
يرفعُ
عن الأوشحة
القوانينَ
عنها
و
الأشرطةَ الملونةَ
الدانتيلَ المتدلّي
في نسيجها القشيب
فالأختامَ عن الدنان
إذْ
امرأةً
تلبثين
بين العرشِ والسريرِ
أنكيدو الملكُ القتيلُ
وأنا حاشيتُكِ..
مضمختان يداي
بهباتِ
جِلْدِكِ
ثوبُكِ الذبيحُ
تحت أناملي..
دانيةٌ جنائنكِ
دانٍ لهوكِ
عَبَثُكِ على الأدراجِ
فاكهتُكِ لا تشوبُها شائبةٌ
فاكهتكِ تشفُّ عن الماء ِالحيرانِ
نشيدُ السُكّر فيه
وعبثُ الطراوةِ
ولَحْمُكِ وليمة الطين
شعركِ
عريشةٌ للجنون
ثَمَلُ الوردِ برعماكِ
سجلُّكِ بِكْرٌ
وتِينُكِ في منتهى الفجورِ
ومُنْتَظِرٌ
وفاغرُ الدَبَقِ
تاريخُكِ لا يفض
لا الغزاةُ
ولا الفاتحون..
ولكِ أبناءٌ وحاشيةٌ
وأخدانٌ
ونزواتُ ناسِكِيكِ
مكتنزةٌ
ومختزنةٌ
تستدعينها
كلما عنّ على بالك ناسكٌ
يكلأ مفاتنكِ من التقشُّفِ
يحرسُكِ من تماديكِ..
هامشٌ هو الاكتنازُ
هامشٌ متوردٌ
وحنونٌ
ويزدادُ
ونحن..
كيف تحتملين
ابتهالَ ملكٍ وحيدٍ
ذكورتهُ سطوتُهُ
هِمَّتُهُ همةُ اللصوصِ
من السُدّةِ
يهبطُ بكِ إلى البَذْلِ
لا نورَ لكِ في مَعِيَّتِهِ
هَالَتُكِ في الأسْرِ
والبهاءُ
خطيفتُهُ
لا جنائن إلا ما يفيض على السرير
ملامحُكِ
لا يسمو إليها
ضحيةٌ
سِحْرُكِ غَلَبَهُ
فِتْنَتُكِ أيضاً
اذبحيهِ ليحيا
ارتقي إليه
ليرتقيَ إلى مُخْضَلِِّّكِ
شَجَرِكِ الممشوقِ
أعشابِكِ المُمْرَعَةِ
ضُمِّيِه إلى الحاشية
فنونُكِ يا مليكةُ
في كنوزِ الهامشِ
نكهاتٌ ومشاربُ شتَّى
هذا نورٌ
ذاك نارٌ
امزجيهما
في هامشكِ المكتنزِ
اخرجي
إلى الهواءِ
من استبدادِ العرشِ
وسُلْطَةِ الأَسِرّة
اقتربي
من الشموعِ
من فمي
اقتربي
بجنائنكِ المعلّقةِ
مَلِكٌ وحيدٌ لا يليق بكِ
أنتِ أكثرُ
تزدادين في الإثمِ
وفي الألمِ
وفي الارتكابِ
وفي الارتباكِ
تشفِّين
في
الثوبِ الموسلينِ
وفي الوشاحِ
برتقالُ النارِ
فيه
وشبقُ التفاحِ
وخمرُ الخاصرةِ
يلفحُ وجهي المدسوسَ
في مساكبِ الوَبَرِ الخفيفِ
وهباتُكِ الناعمةُ
تلبثُ في الدِّنان
خائفٌ
عليكِ
خائفٌ على مملكةِ
الملكِ المالحِ
ستائرُ الكحلِ
تلفحُهَا
ظلالُ
الحنّاء
تضنِيها..
خوفي عليكِ
على
جنائنك
المعلقة
في غمام المنام
لا نائية أنتِ
ولا دانية
نضارَتُكِ
لا تنبع..،
نضارتُكِ تصنعُهَا السطوةُ
وحلولُ المساءِ
ونعاسُ الصبحِ
ويداهُ
وفمي
والشراشفُ المتطايرةُ
والوسائدُ الخؤونةُ
والبريدُ العاجلُ
والحمامُ الزاجلُ
من أزرقي إلى أزرقكِ
ينتهكُ المكتوبَ وينشرُهُ
بالهديلِ
ينشرُهُ
يهتِكُ منقارُه
ما نضن
البريدُ العاجلُ
الشبقُ الزاجلُ
تتنصلُ ضفافُكِ
من زرقتي
يتنصلُ فيؤُكِ
من مائي
جنائنكِ المعلقةِ
من عبثِ كفيّ..؛
في موجي العاصفِ
الآن .
مكتملةٌ عصائرُكِ
رقيقةٌ أَشْرِبَتُكِ
لك الشرفةُ
ولك الأدعيةُ
على مشارفِ عاشقٍ جارفٍ
تتنزّلُ نضارتكِ
في جروفهِ
تبتهلين
خشيتكِ
أن تريْهَا
تذوي؛
جنائِنُكِ
احفظِيَها
من رقةِ ِالأنفاسِ
نَضَارتُكِ
أَكْنِزُهَا
طليَّةً
من النأي
دانيةً
على مَشَارِفِي،
سَاحِلِي جاَرِفٌ
في النضارةِ
وأنتِ النّدِية..
إليكِ في حيِّ النشوة..
أنا وأنتِ ضيوفٌ
على هذا الليلِ
على هذه المحطةِ الساطعةِ
المطرُ يغسِلُ القطاراتِ
المطرُ يغسلُ وحشةَ القطاراتِ
القطاراتُ في المطرِ
تبدو أليفةً
أليس كذلكِ..؟!!
وتحضكِ على السفر !!
أليس هذا ما تشعرين به الآن ؟!!
القطاراتُ قريبةٌ
تلبدُ تحتَ أنظارِناً
تلهثُ
من تناولِ الفحمِ
من التعرُّقِ
ونفاد البخار
من سَأَمِ المسافرين
من إقياءاتِ النساءِ
من شيطناتِ الأطفالِ
من مجونِ الرجالِ
ونظراتِهِمُ الشبقةِ
وأنا وأنتِ نسدلُ الستائرَ
لماذا نسدلُها..؟!!
والقطاراتُ
كثيرةٌ هذه الليلةِ
لماذا لا نجلسُ إلى النافذةِ
الوقتُ مبكرٌ
وقطارُ الضواحي
سيصلُ حتماً
لكن ليس الآن
لا بأسَ أن نتخففَ
من ثيابنا
لكن ليس الآنَ
نضعُ أسطوانةً في الحاكي القديم
انزعي سلكَ الهاتفِ
قهوةٌ مريرةٌ لهذه الليلة
كأسٌ دهاقٌ
نخبَ ترجُّلِنا في هذه المحطةِ
بعد ترددٍ طويل
سيجارةٌ تلعنُ الظلامَ
وأنتِ بجواري
لا بأسَ أن نمضيَ ليلتَنَا هنا
لماذا لا نمضي ليلتَنَا هنا ؟!!
ناظرُ المحطةِ
هو الذي قالَ
قالَ قطارُ الضواحي
منشغلٌ بشؤونِ الضواحي
بسلالِ البيضِ
وأقفاصِ الدجاجِ
وثغاءِ الجِداءِ
في عيدِ الأضْحَى..
قطارُ الذَروة متوفرٌ
لكن بعد أن تهدأ العاصفةُ
هكذا أردفَ ناظرُ المحطةِ !!
الليلةَ سنبيتُ هنا
ليلةٌ أولى
لانتظارِ قطارٍ
لانتظارِ قطارٍ هائجٍ
قطارٍ حَرُونٍ
عذّبه الشوقُ
وأرمضَهُ
كيف نروّضُهُ
كي يهدأَ هذه الليلةَ فحسبُ
سنتعهَدُهُ بالماء
ونخفِّفُ من حُمّاهُ
سنرعاه ُرويداً رويداً
سنعرجُ به إلى الذروة
اخلعي يا حبيبتي طرحتكِ
اخلعْ يا حبيبي قيافتكَ
خففي من وهجِ المصباحِ
خففْ يا قطار من صفيركَ
أسلسْ هياجكَ
انتظرنا يا قطار..،
نحن نصعدُ
إلى سقفِ العالِم
نرتقي سلالَم الفِردوسِ
إلى فضائك الوثير
نحلّق في دكنتك
نضيءُ
نحن في سريركَ الرخيّ
لا تدع أحلامَنَا تغصُّ بفحيحكَ
عذّبنا الأهلُ
وحرسُ الليل
وورثةُ حمورابي..!!
نحن ضيوفُكَ
إلى الذروةِ
لكنْ حتى الصباحِ
حتى قدومِ قطارِ الضواحي..
عربةٌ اسمها - نوستالوجيا-
تصعدُ إلى سقفِ حنيني
تقفُ قبالتي
كقدرٍ عاتٍ
عربةٌ من الأقحوانِ
وصياحِ الديكة
عربةٌ مبللةٌ بالندى
عربةٌ منسوجةٌ
من خيوطِ الصباحِ
من البراعمِ الحمراءِ
" عربة محملة بجرار الرغبة "
عربةٌ تصعدُ وتهبطُ
رقراقةً
في أواني الروحِ
عربةٌ دونَ حُوْذِيٍّ
عربةٌ
ضالةٌ
أين تنتهي عجلاتُها..؟!
متى تهرمُ أحصنتُها؟!
عربةٌ
ستصنعُ تراجيدياها
فتبعثركَ
في منحدرٍ سحيقٍ
لترتطمُ الرغباتُ
بالندى
والأقحوانُ
بصياحِ الديكةِ
والحنينُ
بالبراعمِ الحمراءِ
أوربما تستحيلُ
إلى قهقهةٍ مخنوقةٍ
تلهثُ
في منتصفِ الطريق
مجترحةً
كوميدياها الخاصةَ
احتضارَها الكلاسيكي
عجلةً فعجلةً
تخونُ روحَهَا
وتخورُ
خاذلةً آخرَ نبضاتِي..
هذا المساء
أين وسامتُكَ
يا حبيبي
سقفُ الليلِ
مريرٌ
ومالح
يُودُ أنفاسِكَ
أين ؟!!َ
شديدٌ فوحهُ عليّ
زهوي متأخرٌ
متى أكمله فيكَ
أين صوتكَ الوارفُ
أين لمسكَ الأُجَاجُ
أينكَ.. أينكَ ؟؟
تُخَرمِشُ عتمةَ جِلْدِي
أين نهارُكَ الخلَيِعُ
يفضحُ عتَماتِ أوشحتي
أين اسمُكَ التفاحُ
على شفتي
أين فمُكَ على خدي
فمُكَ النائي
أين صدرُكَ البستان ؟!ُ
شمسُ الناس لاذعةٌ
ظلالهم
مسوّرةٌ
حدائِقُهُم خلف الأبوابِ
أين الأعشاشُ
كتفِي عاريةٌ
أين براري كفَّيْكَ
ركبتي مُزْهِرَةٌ
تتشممُ أناملكَ
قدماي تنخطفان إلى عبوركَ
قرطاي في مهبِّ لسانكَ الطلَيِّ
غلالاتي عليّ تخفقُ
غلالاتي عليكَ
أين أنتَ يا حبيبي
سقفُ الليلِ مريرٌ
قامتُكَ الشّهْدُ
متى
عبورُكَ العَسَلُ
متى
تَخْضَلُّ
أوراقُ الليلِ
متى
في عتمة مساماتي
على رقبتي
متى أنفاسُكَ اليُوْدُ..؟!!
في أيارَ أجلسُ
إلى بهائكِ في الظهيرةِ
اليومَ لم تكن قيلولةٌ
نضارتُكِ القيلولةُ
وجهكِ في الدَّعَةِ
الأنهارُ والينابيعُ
أُحِسَُّها تحت جلدكِ المشدودِ
في الظهيرةِ القصيَّةِ
في أيار يبلغ جوريُكِ كمالَه
جِلْدُكِ يتوترُ
أيارُ تبلغين فيه أقصى كَمَالِكِ
أيارَ أَحْضُرُكِ فيهِ
أيارُ سورُ بهائكِ يا جميلةُ
خميرةُ اكتمالِكِ
تنويمتُكِ
لأوقظكِ
على يديّ
لأشيحَ بوجهكِ عن عَدَمِ الصيفِ
في أيارَ لا ألمسكِ ملياً
في أيارَ تبلغينَ ذروةَ الوردِ
أتَنَسَّمُكِ
وزهرُ الليمونِ
يشوّشُ عليكِ الروائحَ
في أيارَ لا أشمكِ كثيراً
في أيارَ أعيشُ منتهى نقصاني
مقصيٌ عن قيلولتكِ
تحت نافذتي مساكبُ ورد ٍ
لامعةٌ
وقانيةٌ
ومسقيّةٌ
لكنْ
لا رائحتَكِ لها
أيارُ لا يكتمل بسواكِ..
ليستْ قناديلُ يديكِ
ليس فمكِ المزهرُ
ليستْ أشواقكِ الممتشقةُ
ليستْ أظافركِ الورديةُ
تخرمشُ عتمتي
لكنكِ إذْ
تخرجينَ
من مملكتي إلى المشاعِ
من بخورِ معبدي
إلى شبقٍ لا يعنيني
من غيرتي
إلى جذرِ النهارِ المنفلتِ
من سطوتي
عندما يبزغُ الضوءُ
عليكِ
يشتدُّ
ألمي
أخلعُ
طمأنينتي
كضرسٍ
أُصْبِحُ هواءً لافحاً
يعكِّرُ صفاءَكِ
يعيقُ
أنوثتكِ
أنا الطاغيةُ
لا تخلو زاويةٌ مني
لا جدارَ من صوري
في ساحاتِ يديكِ
بصماتُ فمي
نصبٌ تذكاريةٌ
لانكساري
أمام ليلكِ الأوحدِ
السريرُ عليه رائحتي
الأبوابُ
النوافذُ
علقتُ عليها نظراتي..
في المطبخِ
أنتشر عليكِ
من عبقِ البازلاءِ
والعتمةِ المسلوقةِ
للباذنجانِ
أفقدُ شهيتي
عندما تجتازين
العتبةَ
حينما
خصلاتُكِ
تفكُّها الريحُ
حينما خطواتُكِ في الشارعِ
حينما
لا قربَكِ أنا
لا شطرَ من نهاركِ
أنزوي
فيه
خاليةٌ أنتِ من
الظلالِ
هذا الصباح..
ذَهَبَ
يثأرُ
الظلامُ
بيقظةٍ بيضاءَ
لها استبدادُ الحليبُ
وقوةُ الفطامِ
ذهبتْ
عتمةُ الشاي
لتثأرَ
إذ خنقتُها
في المنفضةِ
خنقتُها
الرؤوفةُ
مثلَ
دودةٍ سوداءِ
لمّا
فجورُ
الأرقِ
خَنَعَ
لملمتْ ستائرَها
عن زجاجِ روحي المنكسرِ
ليدخلَ الندى
ليدلفَ
الحليبُ
السليطُ
نواهيه
تسبقُهُ
والوداعُ
منهُ
يشبُّ
و الغيرةُ
منهُ
عندما
من البيتِ إلى كَدَرِ
الوقتِ
تخرجين
من جذوعِ ساعدي
إلى عَكَرِ النظراتِ
مني
إلى أن تكوني عاديةً
تلوحين للجارة
ترتبكين في زحمة السوق
تفتِنُكِ
البقاليةُ
البصلُ
بلونهِ السكريِّ
الثومُ
بقشرتهِ الرقيقةِ
في الواجهةِ
نعلٌ جديدٌ
بخَطْمِهِ
الثعلبيِّ
تعاينينهُ
تساومين طنجرةَ البخارِ
وعينكِ على المايكروييف
يعجبكِ الهاتفُ النقّالُ
أدري!!
يغويكِ الديجتالُ
تزادين بهجةً
كلما نأيتِ..
كلما نأيتِ
كعصفورٍ
خرجَ منْ قفصٍ
خرجَ
يختبرُ
جناحيه
في الرفرفةِ
من سطح إلى سطح
ومن شجرة إلى شجرة..
غيرَ مُبَالٍ
بشباكِ الصيادين
ولا هجائِهِمُ المريرِ..
مثلَ هذهِ الليلةِ
التي تمضي على عَجَلٍ
كأنما تلاحقُهَا الأشباح
سيأتي نهارُكَ وِادِعاً
مطمئناً
يلبدُ بين يديك قطاً أبيضَ
يتمسحُ بكَ
يفكُّ عروةً في أعلى قميصكَ
ينضَحُ وجهكَ بالنسماتِ
يناولُكَ مفكرةَ الأيام
يضفي على الساعاتِ الأخيرةِ
قليلاً من الفكاهةِ الممزوجةِ بخيوطٍ سوداءَ
تزدادُ مع اتساعِ قوسِ الضوءِ
يوشوشُ في أذنيكَ
قليلاً
تنقبضُ أساريرُ وجهكَ أولاً
تتلألُأ قطراتُ عَرَقٍ على جبهتكَ ثانياً
ثم تقتنعُ
أن لا مجال للسجالِ
فلتصطحبِ
الألوانَ التي تلزمُ لغروبٍ لائقٍ
اصطحبْ زوادةً خفيفةً
عليكَ أن تنجزَ لوحتكَ
أن تبعثرَ أنفاسكَ البرتقاليةَ
على نهايةِ القوسِ المتوترِ
الموشكِ على العبثِ
والانكسار
عليكَ أن تتناولَ معطفكَ
لا تنسَ أن تنتعلَ حذاءَكَ
فالدربُ غامضٌ
والمناخُ متقلبٌ
فلتسرعْ
لا تلو على شيءٍ
لا تنظر إلى الخلفِ كثيراً
دعْ غيركَ يرتِّقُ الأفقَ
دع ْغيركَ
يسقي أحواضَ الوردِ
لا تمزق تقويمَ اليومِ
أنوارَ الغرفِ دعْهَا ساطعةً
مواعيدَ النهار دعها للنهارِ
الصورَ على الحائطِ
الغبارَ على الكتبِ
دعْ كلَّ شيءٍ على حاله
الشموعَ لا تطفئْهَا
لا بأسَ أ نْ يبقى السريرُ مرتباً
لا بأس
كأتكَ عائدٌ في اليومِ التالي
ثمةَ شمسٌ لاذعةٌ ربما
لا تنس قبعتَكَ..
ثمةَ غيومٌ ملبدةٌ
لا تنس مظلتكَ
غداً..
ربما تكون السماءُ ممطرةً هناك
ربما!!
(تهليلةعلى العتبة)
بعد قليلٍ سينزلُ أهوراسوزدا ahorasozda من الجبالِِ
منبثقاً من جبّة بيضاءَ
في يديه قبسٌ وجذوعٌ
قدماه مغسولتان بالماء والثلج
ترافقهُ الأشجار وحاشية من النّدَى
بعد قليلٍ
سيهبطُ أهوراسوزداahorasozda من ذراهُ المشحونةِ بالبروقِ
حاملاً
في معصميهِ
سوارَه القبسيَّ
وعلى رأسهِ تاجُه الناريّ
سيهبطُ ملَكِي
كما أشتهيهِ
سيبدِّدُ عتمتي
يخلع ثوبيَ الأسودَ
في الجهرِ
في الجهر
كما ينسلُّ الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسودِ
كما يتمخضُ الزبدُ من لجّة البحرِ
أنا لجَّتُهُ
في هذا الغيمِ الداكنِ
أنا المستغرقةُ في الحمّى
جاء
يبثُّ في لهفتي
فجرَه
في شجيرةِ انتظاري
نفحاتِ هبوطه..
عبَِقَِ ترجّله إليّ
أنا التي
قدمايَ صغيرتانِ
وتمرحانِ لقدومِهِ
أنا التي
ساعداي
َمرْجَان من نداء:
متى تجيءُ
أيها الأثير..؟!!
من فيضِ العتمةِ
شجيرةٌ مذهولةٌ
أنا
فتخلّلني.. بنسيمكَ الرقراقِ
املأني بنهاركَ...
أنا نازينُ التي أحيا
لأستقبلَ نارَه ونورَه
أتلقى غبارَ الطلعِ
المتناثرَ من مشيئته
أنا نازنينُ
التي يرتعشُ دمي
لقدومهِ
التي سدّتْ كلَّ النوافذَ
إلا نافذةً
سميتُهَا له
التي سدّتْ كلَّ الأبوابَ
إلا باباً
خصصتُه
لعبورهِ الرخيِّ
لأنفاسهِ
للهاثهِ
لضعفهِ أمام الحياةِ
لهديرِ الخصوبةِ
في خاصرتِه
أنا نازنينُ التي
كلُُّ الكهنةِ عَبَرُوا من سريرها
لكنهم منه
نهضوا مهزومين
لأنّ سريري
لرقتِه
للبستانِ
الذي في حناياه
للنبعِ في جوارحِهِ الخفيِّة
إنساناً وله قدرةٌ مدهشةٌ على الإغواء
دونما ألقاب يأتي
خالياً من التعاليم
مجرداً من المواعظ
له أبّهة حبيبٍ
وقِيَافَةِ عاشقٍ
رفيقاً بي سيكونُ
من فَرْطِ رَهَافَتي
في أحضانِه الكوكبية
غمامةً
وغمغمةً أكونُ
وكوناً
تحوطُهُ غشاوةٌ
عطريةٌ
سينامُ ضيفي في فوحِ رؤاي
في قوسِ قزحي
بعد أن أفكَّ له ضفائري
سينامُ
بعد أن يشاركني الوليمةَ
سينامُ
بعد أنْ أفتحَ له القفيرَ
بعد أن يتذوقَ قرصَ الشَّهد
القرص الذي رعيتُهُ لهُ
انتقيتُهُ مترعاً بالحبَقِ
وعصارةِ السوسنِ
القرصُ الذي دللته
بشميمِ الفواكهِ
الذي وشّحتُه
بالستائر الشفيفةِ
بوبر القطيفةِ
بما يضيئُه
من خلف أعشاب نديةٍ
بما يجعله منبلجاً
كصبحٍ غريرٍ
ليغفوَ بين يديه
كطفلٍ مفطوم
ليستكملَ دلالَه
ليتفتَّحَ
بين يديهِ
أفقَ عسلٍ
أعشاشَ حمام
مساكبَ
من غنج
تيّاهاًَ
ببتلاته الوردية
بتويجه
الذي له
بالوعد أن يزهر بين أصابعه
بالوعدِ أن تجريَ عصارتُهُ على الثغر
أن تنتفضَ فراشاتُهُ
على خديهِ
أن تنموَ سنابلُهُ
تتسعَ حقولُهُ
يستيقظَ دمُه السندسيّ
إذ ماضٍ لتأسيسٍ مملكته المندّاة
مملكتِه المكينةِ
القابلةِ
لملكٍ ونجلين مبجّلين..
ناهضان
وحارسان
لبيتِ النارِ
للفردوسِ
لمهوى الخليقةِ
لمعابثةِ الحاشية
لمصيرِها البهيِّ
بين فجورِ النحلِ
في حدائقِ السُرّةِ
ونكِاَحِ الفَرَاشات
على بيادرِ الساقين
هناك التربُّص الكبيرُ
العيدُ الأغرُّ
سريرُ النوروزِ
وليمتُه
نحلُهُ
عطايا برارِيه
أنفاسُهُ
النيازكُ التي تتقاطرُ من أناملهِ،
على جسدِي
إذ يجمعُنَا
لهبٌ لطيفٌ
طفيفٌ
وبطيءٌ
لهبٌ يخصُّنَا
ابتكرناهُ
كلُّ مسامةٍ
طفحتْ به
كلُّ ارتعاشةٍ
نبتتْ من عبورِه
من اختراعهِ
الدنيويِّ
لصعودِ النارِ
في العروقِ
في الشراييِن المتأذيةِ من اللهفةِ
آذناً بانبثاقِ حياةٍ جديدةٍ
بحلقاتِ نارٍ
نتمرغُ في فيوضاتِها
نتجرّعُ من الماءِ أبيضَه
من النارِ
لظاهُ
من الهواءِ
هواهُ وقدرتَه
على تحويرِ النغمِ
في الأعضاءِ الخفيّةِ
لارتكابِ عمرٍٍٍٍ نضير
ومن الترابِ
تبرَهُ
الذي يزيِّنُ
فمَ النجلين
المبتهلين
المغتبطينِ
بما فارَ من لبنٍٍ
وانسكبَ من عسلٍ
فالمرعى خصبٌ ومُضَاءٌ
لا يعرف سقفاً
لا يقر بتقاليدِ الستائرِ
ولا أعرافِ الأستارِ
أمجادُهُ
تنبتُ في الفضيحةِ
وصياحِ الديكة
وسرُّه
مجرّدُ كواكبَ ادخرتُها له
في التماعاتِ بدني
يقضُمُها
إذ ينهضُ من رهافتي
بعد أن يتمطى
في بحيرةِ الوسنِ
التي كوّرتُها لرأسه
في حضني المشرق
منذ أن غفا
مذ أذقتُهُ
الذي لأجله ترجّلَ
من خيلاءِ الماءِ
من ارتواءِ الذاتِ
إلى بهجةِ الترابِ
ودفقةِ البياضِ..