الى أسطورتي الخالدة : رنا جعفر ياسين
ياافقا ! يا ذكرى الغرف المعتمة ! يامن تأمل مرآى العربات الغائبة في الأزقة القديمة، ويا من تأمل مصير الحشائش الصغيرة النابتة في حواشي الباحات العتيقة . حدثنا عن مشهد حبات الحصى الملقاة في الدروب الذاهبة الى الأناشيد المستحيلة، عن الصباحات التي لم تعد منذورة لاغاني الأنهار، وعن صوت المهرجانات الذائب في محاريب الديناصورات الجديدة . انثر كلمات البشرى على المنبوذين، واعلم بأن هواء الأمهات بات يرفرف في فضاء لايخلق الصدى، وبأن السراديب لم تعد موطنا للألغاز . لنقطع معا غصنا من شجرة الكريستال، فطيورنا مازالت تمارس عبوديتها في سموات الانفلات . انظر ! هاهي طاولات الثرثرة تحلق في الأجواء بأجنحة الغربان ! وهاهي الأقمار تمشي بألم في مدننا المتآكلة.
البحار،! البحار، نائمة . فأبعث سفنك الى العشاق وأرسلهم الى الضفاف المليئة بغابات المجهول . فهناك، سيرون تمثالك المنحوت بأزاميل الشكوك والأسئلة.
أطلال العودة
للعودة، نكهة الحقول المفعمة بالأرز، والقلب، شرفتنا المطلة على أرياف الأسئلة. لماذا لا نهدي المحبة للسطوح ؟! اقتربي أيتها الريح، فمشاعلنا لاتشاكس أمواجك المؤجلة، وحياتنا لاتبجل المقدسين، غير اننا نتحاشى الطرق التي يتبختر فيها هواؤهم . آه ! الغياب، سفينة تبحر في دمائنا، وزمننا كثيرا مايطل على مهرجانات الأموات . علينا ان لاننسى سعينا للوصول الى الاحتفالات الغامضة . فنحن بحاجة للإنصات الى الأشباح، لكي نقرأ كلمات الأكوان البعيدة في الخفاء . ياروحي ! الهزائم تشعل شموع الطفولة في آبارنا. والجهل، ينير أروقة الظلام الطويلة كلما ازداد حبنا للاكتشاف. لذا لاتنافسوني على شرف الجهل . مرحى ! يدي باتت تتلمس الأنهار المخفية خلف قطرات المطر، عيوني صارت ترى الصحراء، بحرا، وأذاني أصبحت تسمع موسيقى الكون المنبعثة من صهيل النار. فلنذهب معا الى ثنايا الحياة لنسمع بياناتها وأسرارها، لنلوح من هناك بإيماءة الوداع للعالم القديم ولنرتقي الجبال المغطاة بالثلوج، عسى ان نعثر على الربيع الذي لم يأت بعد .
1- 3 - 2006
كوبنهاغن - الدنمارك
سمومك اللذيذة
يالغبائي ! لم انتبه لأحزان البحار العتيقة . يالغبائي ! حدقت بلمعان اللؤلؤ من دون سؤال . يالغبائي ! لم أر طيفك المحلق في فضائي منذ آلاف السنين . يامن لأجلها تصدعت مرايا السماء، خذي الكذب الجميل من يديه وضعيه فوق أنفاسك الهادئة، ولاتلتفت الى التراب المعفر بالبريق . فهناك سترين الأوطان المصنوعة من الأكاذيب الماسية . ياأسطورتي ! غادري أيام الأرض واتجهي الى لغتنا الراقصة في مسارح الأثير . اعلمي ان حياتك، بوذي قلق، بل هي نطفة الله المرتبكة . واعلمي ان حشود الكلمات الرعناء، باتت تمزق أوراق الأحياء وتهدي الكنوز للأموات، تسرق لغة الأمهات وتشيد قصور الرمال للضفادع . فاحذري موشحات الانتصار، وتذكري بأن العقول القديمة طرزت تنهداتنا البريئة بألوان الرصاص . لا، لن نحارب جيوش الكلمات الرعناء، ولن نرفع رايات المجد الزائلة . سنكتفي بعصافير الصباح وبموائد الغروب المليئة بالدموع . سنلوح للأفاق الغبية بأغصان السخرية السوداء، وسنرفع كؤوس الشعر نخب هزائمنا الخالدة. اجل، نحن هزمنا ولكن، كهزيمة دون كيشوت . نحن من دون رحلات جلجامش على جدران البيوت السرمدية منذ ان قررنا الدخول لمدن النغمات الدائمة . اهدأي ! رغباتك الكونية، نافورات مشتعلة بالأمل . قصائدك، جنود ينزفون دماء البشارة لأبنائهم الجوعى . ودفاتر عشقك، ملاحم الأولين وأساطيرهم. لاتأبهي لفصائل الموت المتجهة صوب أمانيك المشيدة في الأقاصي البعيدة، فسمومك اللذيذة كفيلة بجعل الموت ينام نومة اللحود الابدية .
14- 3 2006
كوبنهاغن - الدنمارك
basimalansar@hotmail.com