تجهيزان يحملان تأثيرات الواقع إلى الحيّز التعبيري

لور غريب
(لبنان)

في "غاليري جانين ربيز"، الروشة، معرض ثنائي لكل من رفيق مجذوب وسمعان خوام (إلى 3 آذار المقبل)، ويقدم كل منهما تجهيزه الخاص.

خوّام

خوّاماختار سمعان خوام المراكب الصغيرة من ورق ومن أحجام متفاوتة ليوزعها على أرض الصالة وعلى ارتفاعات وركائز متفاوتة الارتفاع طال بعضها ولامس شاشة صغيرة تبثّ صور البحر الأزرق وأمواجه المرتطمة بالشاطئ. تبدو المراكب الصغيرة كالأزهار النابتة من الأرض رغم قوله: "كل المراكب الورق التي صنعتها لا تبحر/ ربما هو اللامحرك/ ربما هو البحر علي أن أصنعه من ورق". إلى قصيدة وتصور واعتراف ومحاولة تواصل مع مراكبه ومشروعها المبدئي الذي يوحي أنها تتهيأ للإبحار. وهذه الرواية المختصرة: "في الغرف السفلى/حيث تكثر الرطوبة والأمان/جلس يصنع ملء يديه قوارب نجاة/في الغرف السفلى/ حيث النوافذ مجرد فكرة/والأبواب محكمة التصميم للإغلاق فقط/كان وعبر هفوة في الجدار/سمع احدهم يهاتف/ان البحر من آخر الرواق قادم/ان لم تكن سمكا/احكم الإغلاق/غدا/انتهى".
صحيح أن ما أنجزه خوام ليس "اكتشافاً للبارود"، وفق القول الشائع، إنما تفوح من هذه المراكب المطوية رائحة مياه مالحة قد تلفح الوجه وتترك على الشفاه آثار رذاذ يفرح اللسان بلعقه. ألا يخاطب الفنان الطفولة ويستلهم منها صوراً ساهمت في توسيع المخيلة وتغذيتها أيام كانت للمخيلة قيمة ورسالة ورغبة وهدف؟

مجذوب

مجذوبلا ادري لماذا توقف رفيق مجذوب عن التطور؟ خيل إلي أن ما علق في "غاليري جانين ربيز" ووزع على الأرض وحشر حشراً لدى تزنير أسفل الجدران بشريط من الورق الأحمر كتبت عليه كلمات تشير إلى حدث أدخله الموضوع، لم يبتعد الفنان فيه عما تركته الأمور الراهنة في تجهيزه، بل زوده كلمات على مسافة قصيرة من الشعارات المسطحة والمستهلكة. نعرف ان للتجهيز غاية ورسالة فسرهما مجذوب على النحو الآتي: "بث حي/حيا اوميتا/مخطوفا أو مذبوحا/مصابا أو معاقا/عربيا أو أجنبيا/بث حي/ طابت أوقاتكم". وفي النهاية، وبالانكليزية ما يعني في لغة الكومبيوتر للمحو + Delete.
هل أراد مجذوب اللهو والتسلية في تركيبه هذه اللوحات القديمة - الجديدة في مواجهة طاولة رتّبت فوقها الكراسي الفارغة؟ هل ظن ان استذكار الأمم المتحدة والإيحاء أنها لا تعمل يكفي للتغاضي عن سطحية النص المكتوب وعن الموضوعات التي سبق أن توفق كثيرا في رسمها ولا سيما تلك التي عرضها في المركز الثقافي الفرنسي قبل بضع سنين.
الأفكار موجودة يرفدها بعض التلميح بالهيكلية البشرية المقصوصة والمتمددة فوق أريكة، بينما وضعت على يسارها صحيفة لبنانية تحمل عنوان: قتلوا رفيق...
بعض النواحي الموفقة تفرح محبي أعمال مجذوب، ورغم ذلك نخشى من مجاراة هذا الموقف لأننا لم نجد فعلا في التجهيز ما يقنع بأنه في مستوى ما سبق أن أنجزه.
تنقص "قطبة" ما في ما شاهدناه في "غاليري جانين ربيز" ونتمنى أن يكون ذلك عابراً وموقتاً.
لور غريب

النهار- الخميس 24 شباط 2005