أسعد الجبوري
(العراق/الدنمرك)

1

الليلُ مكسورٌ على الطاولة.
كأنه من سكان بغداد .
هكذا تخيل اللحومَ على باب المعجم أطلالاً
تقددت بالسيوف.
كأنها شعوبهُ المُغتالة دجاجاً. سمكاً
دواباً بترياق النار.
أو أو أو
هكذا ظنَ الرؤوسَ قوافلَ يانعةً
تحت مراهقة الديناميت السلفي.
أو أو أو
كان يتنزه مع خيال الرصاصة،
في القتيل.
ومن تحته الأرضُ المفخخةُ تتمددُ
وليس عليها إلا ثيابها المثقوبة
بالعيارات.
أو أو أو
مرت به الدماءُ راحلةً إلى خارج الأنابيب .
كل ذلك يحدث لسقاية الوطن..
سبورتنا المحتشمة بميول العبوات الناسفة
وكراسيّ تراثها في اللغة.

2

الخمرةُ مكسورةٌ الظهر في الكأس.
فبماذا ستحدث السكران عن بلدانٍ زجاج ٍ
فقدت بلاغتها في الكتبِ العميقة.
هل الزمن غير تلك الثمرة التالفة،
يركلها المارينزي بحذاء أمريكا
فتطير.
ويبقى معنا الكبدُ جداراً بارداً داخل
مقاطعة اللحم المُدخن بمادة التي أن تي .
ودائماً سيزيفُ بالصخرةِ ..
من أول الفم حتى آخر فهرس الهاوية.

3

كم الساعة الآن ..
لتتمرن بلادي على الإسعاف.
وكم لنبلغَ الاحتفال في الجنازة الثملة.
أسئلةٌ كعلب التبغ.
تدخنُ أسئلةً حتى مدخل
المستشفى.
وكل قتيلٍ قراءةٌ تضيفُ للموتِ
هامشاً في المشرحة.

4

لا تدعني إلهي
أراقبُ جفافَ المياه في المراكب.
لا تدعني أنظرُ ساحةَ الطيران عصافير
تعبث في ثيابها النيرانُ.
لا تدعني منازلَ في اكتمال الشيخوخة.
ولا غريباً في الجَمال .
أحصي الدباباتَ وهي تمد أعناقها لترتع
بقايا العشب في العين.
الكرخُ حشرجةٌ ترتفعُ إلى مقام الغريق
في التوابيت.
والموتُ منشورٌ يجففُ على حبال الولايات
شخوصَهُ.
وكنتُ أرى صعودَ الترابَ إلى فم الريح.
النارَ إلى الأحزمة الناسفة.
الأساطيرَ إلى الغرف المطلة على الهجرة.
الذبابَ إلى الأناشيد النائمة في البرد
والشمع والحكومات.
لسنا إلا في مشهد الصوديوم..
نتأكسد مع الهواء بالتدحرج.
وأمامنا المؤرخُ
يتفحص ملفاتنا من عين التلسكوب
ضاحكاً من بواخرنا الجانحة
في الجحيم.

5

في منتهى الأحمر ..
بغدادُ موجةٌ بطيئة على امتداد
الظلام.
في منتهى الجنازة
لا أريدُ دجلة تابوتاً
ولا الماء جنازة محدودبة تمشي بالزعفران
مع الدليل.

6

يقولُ القاتلُ للحزام الناسف:
ارفعني.
فتتقوسُ اللغةُ.
فيفقد القمرُ ذاكرته.
فتمرُ الذئابُ في لحم الأرض
كما الأمشاط الملتهبة.

7

من جراء ماذا
تكلسَ الرمادُ على شاشة العين.
القتلى يتكدسون في الشوارع وسائد
مشققة.
والنظراتُ أوراقٌ تحترقُ على سطح
البؤبؤ.

8

أيها المغني
أنا اسمعُ الريحَ مثقلةً بجثة المحبوب.
وما من بريدٍ يقطعُ ظهر الظنون.
أيها الحزنُ
يا ورمَ المُواطَنة الدائم بين الألحان.
البلادُ لم تعد أرضاً .
والخمرُ الملتهبُ كذلك،
لم يعد من أخوة النصوص.
منازلنا ثيابنا.
وهي كما الصفيح المثلج.
لا علاج لثقوبه من الرصاص .

9

ومن فجرّ نفساً على الأرض..
ألا يخافهُ من في السماء.

10

الإنسانُ عاصمةُ الموت.
سأنظر لتمساح اللاهوت طويلا..
سأشير لذئاب الأيديولوجيات بتركيز
وأطلق الطوفان في باطن الصرخة عالياً:
أما من محررٍ لأرحام النساء من العبوات الناسفة
والذباب ورغوة البكتريا؟

11

يمرُ
الحبّ في خيال الجريمة،
بحثاً عن جثته المفقودة في الكلاب.
والنشيجُ في اللغة يتجمدُ.

12

تزدحمُ الكائناتُ في فم القطار الطويل/كؤوسٌ هائجةٌ من الدخان/ من ناظم الغزالي/من زهور حسين/جماجمٌ من ورق الحلاج.وهواءٌ سياسي ذابلٌ من تركات الإنكليز /سلالٌ تملؤها الأعشابُ مع السمك والتمر والسنابل وورد الجوري /عضلاتٌ مباعةٌ بترخيص من القبائل/سجادٌ أسود لبطولة القاتل على سبورة الإعلانات/وملاعق لتلقم الأجساد بزيت الكافيار/القطارُ لا يتعثر بين صفحات الريح/دنانيرٌ للثعابين /صابونٌ للإذاعة /عرقٌ فوار للمذاهب/مقاطعُ شرطة وتيوس خرائب/أنينٌ في معلبات وأرصفةٌ لا تعرف أين تختفي/أفواه تطمرها السيوفُ بقهقهاتها/ووسائد يأخذها معه التاريخُ إلى القبر/ديوكٌ وفؤوسٌ ومسدسات لروليت نهاية السهرة في حانة الجمهورية/نفطٌ لغسل ضفائر الأرامل بالدوش /وشجرٌ باردٌ لأعشاش الحمام/القطارُ يشقُ الحمى/ وفيه نادلٌ ينادى على الخلق: أن انزلوا قبيل الشهقة الأخيرة/وكأن لا أحد في مجرى الرحلة/الغبارُ على جوازات السفر يطفئ محركاته /كائناتٌ إلى الهاوية/خرائطٌ مظلمةٌ بالإحداثيات الحمراء /ومنازلٌ لإقامة المعمرين في الموت فقط/الأغاني طيورٌ تَعقبُ الجنازات المتدهورة في مختلف الأقوام/والبلادُ تنورٌ للخلود في الممحاة.

13

أيتها البلاد..
أجسادكِ أكياسٌ تفيضُ
بمجوهرات النواح ودم الأبد.
أيتها البلاد..
جثامينك تتطايرُ منها جدرانُها
إلى ما وراء خطوط القيامة .
والآن..
جرعتنا من السم تكتملُ.

23 فبراير 2007
الدنمارك