أسعد الجبوري
(العراق/استراليا)

(1)

أسعد الجبوريمولاي في الحبّ:
أيّ مني التراب.
والنارُ مني أيّ.
وكلانا الحجرُ الكريمُ في مركَبِ
الذنوب.
روحُ إرثٌ في متاهةِ.
والعيونُ منصّاتٌ..
عليها الأساطيرُ مُلتبسة.
وليس من خندق إلا للغريق.
أنا الأولُ في السجل.
أبحرتُ في خطيئتي ولا وصول.
فاكهتي تشظّت.
وسقفي الخوف ُ،
ومنهُ النبالُ على الرأس تتناسلُ.
أنا الأولُ في النشيد..
وتفاحتي زجاجٌ.
أنا الآخرُ المُستكشفُ الخادعُ
جبهةُ الرفض.
المُتمترسُ في رحم النار.
السائحُ بين الأفلاك مُتقمصّاً..
وجدتُ عزلتي تضيقُ..
فكسرّتُ خارجاً ألقنُ أنفساً
بورد الغواية.
طَيرّتُ فوق الرؤوسِ سحباً،
لرّي الأدمغة بالعصيان.
وجهي شناشيلٌ في بلادٍ
أكلت جذورها.
أنا الآخرُ المُرتقي الأبراجَ.
الآخرُ النازلُ من الأرحامِ شهيداً
بالمعاصي.
الآخرُ الملتبسّ نبوة القناع ِ
في الأجسادِ الأوقاف.
أتقمص الغامضَ السحيقَ،
وأجرّي مسترسلاً بأخيلة الأباطيلِ
والحقائق.
معادني تَرَفٌ في تراجمَ التمردّ.
أشطحُ وأصيبُ.
ويتبعني الضالُ الهادرُ من شعوبي
وحتى حصون البورصةِ في اليقين.
مولاي..
يا حبّ:
وأنا الثالثُ.
شعوب دون أنفسها في الديانات
والتماثيل.
في الدليل إلى العقاب.
الثالثُ الترعةُ..
والصفنّةُ هديرٌ يملؤني.
الثالثُ المحكومُ بالإقصاء.
وعلى أظهري القبائلُ والمستوطناتُ.

( 2)

مولاي في الحبّ:
أدمُ الممتلئ ماءً.
حنفياتُ خلقه الآن يباب.
كأن الرمل ليلاً
ومنه أساطيلُ الأبالسةِ،
لترجمةِ القرابين.
حيث المنّي غائبٌ عن الوعي.
ويدخل مخدعَ الجسدِ محمولاً
كما الفوانيس.
أهو الخيالُ..
والحريرُ مدنهُ في الأرواح.
يغامرُ..
ونحن بعض طيورهِ،
والمقاماتُ في الزوال.
أم هو المُسمى بظلِ الشمس،
ونَطمسّهُ بقيود الحديد.
المعرفةُ تحت أسوارِ العيون للقتال.
المعرفةُ سهمٌ في جبهة الموت.
وما من قصيدةٍ إلا وبأوتارها
تشتعل.
فيضٌ في الساعات..
دوامُ العارفِ.
وللمخاوف متحفُ الزمان.
فأيّ
منزلٍ
لأنزلَ
في المراتب.
وكل الأرض ردهةٌ،
تزدهرُ بملايين المعاقين.
أيّ الطيور لأصعدَ.
لأفنى لأطيرَ.
ومقاماتُ العبادِ محو وتخوم.

( 3)

مولاي في الحبّ:
الأبجدياتُ تروسٌ من حشيش الملاك.
وأنتَ الأعمقُ من شهوةٍ
الكتاب.
حروفٌ
سيوفٌ
على بطونِ سيوف..
وأنا المُشتقُ من رائحةِ الكهفِ
السماوّي.
منقولاً على ظهور الأنقاض..
لآياتٍ مما تشاءُ من الوجدّ.
عبادي
لا تبصرّني.
وأنا الطريقُ في قدمي مُترنحاً
ما بين مطابعَ متاهات وأغانٍ
من سلالة الأسماك.
لستُ ما أظنّ هي الضلالةُ..
بل النفسُ البستانُ،
وفوقها كلّ الصحارى تنوحُ.
حيّرني المهاجرون في المصعد..
فنشرتُ الغروب على أبصارهم.
وكان كلّ صوتٍ هناك..
شاخصة على قبرٍ،
يمسكُ بساكنهِ مخافة أن يغادر،
فيصبح الزمانُ عزلةً في المكان.
ولا تقومُ بعدها الأشجارُ بالتراتيل
للآلام العظيمة.

( 4)

مولاي في الحبّ:
يا وحشةَ بلائي في خريفي.
أشرقتَ علىّ..
وكنتَ نبيذاً دون كأس.
فكن لي القوت وقتَ الاشتهاء.
وشهوّة الهُدهُدِ في حضن بلقيس.
كن لي النار مصطلحاً،
يزحفُ في التقويم.
بادّل مقامَ غيابي بكثافة حقلي.
وحتى أن تشرقَ الأعنابُ تلالاً،
أشقها بزورقي.

( 5)

مولاي في الحبّ:
الحبّ برقٌ يتمدد مستعجلاً.
والعاشقُ
طيرٌ داخل مصباح.

( 6)

مولاي في الحبّ:
وتجري الأنهارُ لضريحها
في الملفات.
والمتأملُ كرسيّاً في غرفةِ
الغاز ِ،
لابدّ يستسلمُ لشخوصه
المستنسخة بين البراهين.

( 7)

مولاي في الحبّ:
الحروفُ جذورنا العاليةُ.
واليأسُ
ينزلُ
يذبلُ.
وأمام جداريه الجليد.
الشمسُ الشفويةُ
تنتزعُ من تحت دروّعنا مشعلَ
الأولمبّ.
وتذكر كم من الأعشاش
لنا في الأنفلونزا.

( 8)

مولاي في الحبّ:
وكانت تجلسُ لتُمعنّ
في تبددّي.
تُصورّني عبادَ شمسٍ في الحواسّ.
فيما كنت نفسي..
أفرّ من خزانةِ الباطنِ بسروال الحلمِ،
لئلا تساقط الصورُ من العيون.
هل كأن ما من مفرّ.
الخيالُ الأبيضُ يُؤرقُ الحبّ
داخل المرآة.
والثيابُ تزعجُ الآلهةَ قرب
المياه.
أكانت تلك بساتيني في الألبوم.
أم أنا غريقُ خموري في حاضنة
الشتات.

( 9)

مولاي في الحبّ:
الوجه من حديدٍ.
وبمطرقةِ النسيان يتمددُ.
أيضاً
السجينُ العاطفي يتمزقُ،
ليصبحَ
خادم
قانون
الجاذبية.
ومن ثم الملاحمُ تدخل فينا
المشرحة،
لنتجول في التواريخ.

( 10)

مولاي في الحبّ:
وقالت لي بتصرف النصّ:
تعثرْ بيّ إذا ما أردتَ أن تنضج
في خزانتي.
وقالت:
أنا صفاتكَ الفقيدةُ.
تذكرّني بالفسق على سطورِ
فسادي فيكَ.
تفقدني في الهذّيان.
فما لكلّ متوفى في جسدي
قبرُ.
هامش
ذاك العمرُ انحناءةٌ بين الجبال،
وستنكسرّ.
تلك الذاكرةُ قبعةٌ في مهبّ
المراثي.
لن ترى أشعةً،
لتكشفَ لكَ عن حجاب.
منفاكَ في نفسكَ.
وحولكَ الأناشيدُ من أعشاب
البحار.

( 11)

مولاي في الحبّ:
وكنتُ أشتغلُ على نصوصّي.
وكانت
بملاقطها
تهروّلُ
بين المعاني.
القطارُ مضى.
وأنا في المرآةِ،
أغلقُ صوتَ الموتِ.

( 12)

مولاي في الحبّ:
خصمي في حضني.
ويُقلّبُ في القواميس.
وما أنا
بمسوّدةٌ تتكئ على تخومها
الأنقاض.
كلما نظرتُ نفسي،
وجدتُ غيماً يتشقق كالزجاج.
وآلهةً يتجولون على كراسيهم
بين الرماح.

( 13)

مولاي في الحبّ:
أيها المسندُ دون بقية.
أيها المهبطُ بلا أرض.
من أبكى الحواسّ
لتصيرَ غرفاً لغسالات تدورُ بطاقة
الذنوبِ.
وقل لي من مالك العقاب في اللغات..
وأيّ شهوّة بفتنة الطوربيد في نهائيات
الإناث.
قل لي وأنا النسّغُ الفطري فيما يصعد
من توحدي فيكَ.
كم من النجومِ سحقنا بقدّم
الطريق.
وكم فاضت علينا بطونُ المعاجمِ
بأسلحةٍ ودمى.
الآن..
النومُ مرصوفٌ بالحجر.
الآن..
الأرواحُ جازٌ ومجاز.

( 14)

مولاي في الحبّ:
والعيونُ شاشاتٌ
يتساقطُ من أبراجها العاشقون.
وليس للحزنٍ من شقيقٍ
سوى الكمنجة.

( 15)

مولاي في الحبّ:
الاسمُ خريطةٌ،
حدودها الخيالُ.
والفتنةُ في الملامسّة.

( 16)

مولاي في الحبّ:
النساءُ
طرق الكلمات الخارجية.
هكذا يوضحُ الفهرسُ،
بعدها
الأنقاضُ مليّاً بالحوادث.

( 17)

مولاي في الحبّ:
وساعة أن يستطيلَ الغرقُ
واقفاً.
ما من عقلٍ لفائض فلسفي.
إلا وتمشي به شعوبُ
القُرطاس.

( 18)

مولاي في الحبّ:
وطن قبّةٌ.
والقرابينُ سيراميكُ البنيّان.
كم ستبلغ بنا التواريخُ هشيمّاً،
وخزائننا
تُصلى
بالعويل.
وأني رأيتُ كتباً وعمائمَ وضحكاً أزرقَ
ولحى وأثاثَ الوحيّ على الأرصفة.
أهو العراق ُ..
فخلقتَ فأنزلتَ فكتبتَ فأسميتَ
فرميتَ.
أم هو اللوحُ البابلي،
وبعدهُ الطوفانُ.
أم السيفُ هو..
وغمدهُ الرغيفُ.

( 19)

مولاي في الحبّ:
من بحر التدخيّن لبحرِ بمياه
الذكريات يتقوس.
وكلّ نفس مُعلقةٌ للتدوين.
وسيأتي بعد زمن الحائط وقتُ
ساعة اليد.
حيث تترجمُ العقاربُ نصوصَ
الإقامات التالفة.
ثم أيضاً يأتي الكأسُ
ليرتفع..
فيكون الخمرُ في يدِ المُختلفِ،
بساطُ ريحٍ دون دليل.

( 20)

مولاي في الحبّ:
ثمة صحراءٌ مثيولوجية.
تسيرُ على قفاها بيننا
وتسيلُ.
وسبحانكَ من نهر شاسع هناك.
نغسلُ فيه جلود ذكرياتنا بالحطب
الناطق.
من كتاب (الملاك الشهواني)
فيض المواقف ومخاطبات العاشقين