مجلس النواب شكل لجنة للتحقيق فيما أسماه بـ"إثارة الغرائز"

المنامة-وكالات

وجه ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد ال خليفة انتقادات حادة للوزراء لعدم دفاعهم عن مهرجان "ربيع الثقافة" البحريني الذي فتح تحقيق في بعض فعالياته بضغط من الاسلاميين, مشيرا الى وجود "تصرفات تهدد الحرية الفردية" في البحرين.
وقال الشيخ سلمان في حديث نشرته الاثنين 2-4-2007 صحيفة "الأيام" البحرينية "لا احد قال كلمة طيبة وللأسف فان الوزراء كان موقفهم غير مسؤول (..) أنا مستاء جدا وموقفي هذا نابع من حرصي على المستقبل لان هذا النفط والخير الذي وهبنا إياه الله لن يدوم".
وأضاف "نحن ندافع عن الدين وكلنا مسلمون ونحترم رأي الآخرين (..) لكن هذه الهجمة لا اعتبرها في صالح الوطن ولا في صالح المواطن الذي يريد حياة أفضل لأبنائه (..) انا اشكر القائمين على ربيع الثقافة وأقدم لهم دعمي التام وثقتي التامة في انهم سيقومون بسد الثغرات وتطوير البرنامج الى الأفضل العام القادم".
وشكل مجلس النواب البحريني في 20 مارس/اذار بغالبية كبيرة لجنة للتحقيق في ما اعتبر من قبل الاسلاميين السنة والشيعة خروجا عن الشريعة و"لقطات تثير الغرائز وتشجع على ارتكاب الفاحشة" في عرض "مجنون ليلى" الذي افتتح به مهرجان ربيع الثقافة البحريني.
والعمل مستوحى من كتاب للبحريني قاسم حداد ولحنه الفنان اللبناني مارسيل خليفة.
واشار ولي عهد البحرين في المقابلة الى وجود "تصرفات تهدد الحريات الفردية .. تهدد مستقبل أبنائنا وتفرح منافسينا" وقال ان "الكل يعلم ان دولة صغيرة كالبحرين لن تستطيع ان تزدهر الا بالتعاون مع افضل الخبرات في العالم".
وردا على سؤال حول انعكاسات الوضع الطائفي على البحرين حيث غالبية المواطنين من الشيعة, قال الشيخ سلمان "يجب ان نبني على الهوية البحرينية والمواطن ... واتمنى ان تحسب قيمة الفرد حسب الكفاءة وليس بمذهبه او شكله او اصله".
واشعل قرار مجلس النواب تشكيل لجنة التحقيق في المهرجان معركة بين نواب اسلاميين من جهة ومثقفين وفنانين وناشطين يدافعون عن حرية التعبير.
ويقود الاسلاميون وخصوصا السنة منهم حملات مستمرة منذ سنوات ضد ما يعتبرونه فسادا اخلاقيا, واثار ذلك ردود فعل في صفوف المستثمرين البحرينيين الذين رأوا في الخطوة تهدد الانفتاح الذي يتميز به مجتمع البحرين.

الاثنين
2 أبريل 2007م،
14 ربيع الأول 1428 هـ

****

محاولة فاشلة عكرت صفو يوم دراسي

استعراض طلابي.. بدأ بشعارات سريالية وانتهى إلى لا شيء
منذ الخطوات الأولى بدا الارتباك واضحاً على مسيرة حفنة ضئيلة من طلبة جامعة البحرين، الذين طافوا يوم (الخميس) الماضي على بضع زوايا في حرم جامعة البحرين.
وفي الوقت الذي لا ناقة لجامعة البحرين ولا جمل في ‘’ربيع الثقافة’’، أصر عدد من طلبتها الموجهين إلى الخروج في مسيرة تستنكر ربيع الثقافة وتشجبه.
وقد خلط المتظاهرون الحابل بالنابل، فقد أعيتهم طول المسيرة، ولم تكن الشعارات والهتافات المعدة سلفاً كافية، فأطلقوا هتافات بسقوط أميركا وإسرائيل، وقد حمل أحدهم لوحة حائطية ورقية بها شعارات تتحدث عن التجنيس السياسي والبطالة والفقر.
وقد خرجت المسيرة المتوقعة، حيث إن المنتديات الإلكترونية بثت دعوات لخروج هذه المسيرة قبل أيام، وطافت عدداً من المباني الأكاديمية والإدارية في يوم دراسي عادي لا تتخلله ساعات نشاط طلابي بما سبب إرباكاً وضجيجاً في أثناء انعقاد المحاضرات، وأداء الموظفين الإداريين لوظائفهم.
وقد حمل عدد من المتظاهرين قصاصات ورقية بها جمل من قبيل ‘’ملعون يا ربيع الغوى والفجور ملعون’’، ‘’ربيع الثقافة دعوة للغواية باسم الحب’’، ‘’هل مسموح للفن أن ينتهك القيم’’، ‘’هل مسموح للثقافة أن تعبث بالمقدسات’’، ‘’هيهات يرخص إسلامنا’’، ‘’الإسلام خط أحمر فاحذر أن تنجر’’. كما شهدت هتافات الطلاب الشفاهية شعارات من قبيل ‘’لا ثقافة حيوانية في البحرين الإسلامية’’.
وعلى رغم الدعوات المكثفة في المنتديات للخروج في هذه المسيرة، إلا أنها لم تستقطب سوى فئة قليلة، وصلت إلى 120 من طلبة الجامعة، معظمهم من الطالبات، وذلك في ذروة المسيرة. علماً بأن عدد طلبة الجامعة يبلغ نحو الـ 20 ألف طالب وطالبة.
وفي سياق محاولة الاستعراض، تلا أحد الطلبة بياناً ختامياً، قبل أن تنفض المسيرة، وبأخطاء فادحة وصوت غير مسموع جيداً تلا ‘’وإنا نحن طلبة وطالبات جامعة البحرين مسلمون قبل أن نكون أكاديميين، إننا نرفض أن يحول وطننا منطقة لتجارب الأفكار الغربية الماجنة. وحلبة لجنون الانحلال الأخلاقي والفكري والسلوكي. ومرتعاً للإفساد والتميع. هذا ونعلن تضامننا مع العلماء الأفاضل ورجال الدين والمفكرين ومثقفي الضمير الإنساني والإسلامي.. ‘’.
وبعد قراءة البيان قام الطلاب الحاملون للقصاصات بتسليمها إلى أحدهم، فيما نسي آخر علم البحرين الذي لم يرفعه في المسيرة، وتركه على السلم الذي يقع في البهو، حيث تجمع الطلبة.
يشار إلى أن هذه المحاولة الاستعراضية، لاقت الرفض من الهيئات الطلابية التي تمثل الجسم الطلابي، فيما تُلي البيان باسم طلبة الجامعة في تعد واضح، ومحاولة فرض الرأي بالضجيج، ونقل الهامشيات والثانويات إلى الحرم الجامعي.

الوقت
7 ابريل 2007

****

خالد الشيخ يقطع حفلته ويخاطب وزير الإعلام: لا تعتذر عن «المجنون»

الوقت - حسين مرهون:

حفلة غنائية. ليس أكثر. هذا ما حملته الملصقات الإعلانية لأمسية خالد الشيخ إلى ما قبل يوم أمس (الثلثاء). لكن ما حدث مساء أمس على الصالة الثقافية هو شيء مختلف تماماً. ففي أحدث ردود الأفعال المتصلة بقيام مجلس النواب بإقرار لجنة تحقيق في عرض ‘’مجنون ليلى’’ فاجأ خالد الحضور الغفير الذي ملأ الصالة، حين قطع الحفل مردداً كلمات محمود درويش ‘’لا تعتذر عما فعلت’’. وقال مخاطباً وزير الإعلام محمد عبدالعفار الذي كان متواجداً في المقدمة ‘’باسم جميع الفنانين والأدباء والكتاب، أطالب وزير الإعلام بعدم الاعتذار’’ في إشارة إلى ما تردد حديثاً على لسان نواب برلمانيين بشأن موقف الوزير من عرض افتتاح مهرجان ربيع الثقافة لمارسيل خليفة وقاسم حداد. وفيما كانت كلمات حداد تتردد عبر مكبرات الصوت في أرجاء الصالة، دعا خالد الحضور ‘’إلى الوقوف وتسجيل موقف’’، مطالباً في الوقت نفسه ‘’مندوبي مؤسسات المجتمع المدني الصعود إلى الخشبة والمشاركة في تسجيل موقف تضامني’’، وهو ما استحقّ عليه تصفيقاً حارّاً من الجمهور. وفي ظل أجواء صاخبة، توجه على الفور الشاعر قاسم حداد يرافقه رئيس مسرح الصواري الزميل خالد الرويعي ليقفا إلى جانب خالد الشيخ. ثم تتالت الشخصيات التي ملأت واجهة المسرح: النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، رئيسة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان سبيكة النجار، الفنان سلمان زيمان، وشخصيات عدة أخرى. وبعد نحو دقيقتين تخللتها مصافحة بين وزير الإعلام وخالد الشيخ عاد الأخير إلى المسرح مردداً ‘’لنعد إلى الفرح’’.

الايام

****

هؤلاء - لم يؤتوا الحكمة ولا فصل الخطاب

الوقت - خالد الرويعي:

في هذا اليوم تدخل سابقة تشكيل لجنة التحقيق بشأن الثقافة يومها السادس والعشرين، ومنذ 13 مارس/ آذار وهو يوم تشكيل اللجنة يستطيع الراصد أن يلتقط تلون خطاب نواب التأزيم الذين أخذتهم (الحمية)، وفي هذا التلون إشارات لأولي الألباب من بضعة نواب ومسؤولين وعامة شعب.
فلا تكفي سقطة نائب ومتدين كمحمد خالد عندما صرح قبل يوم واحد من انعقاد جلسة (19 مارس/ آذار) بأنه لو كان حاضراً لسحب توقيعه على تشكيل اللجنة، فهذه السقطة يخالها السياسيون لعبة في فضاءات شد الحبل الطفولية، لكنها من جانب آخر تعني الكثير لأتباع الشيخ والمتابعين للخط الفاصل بين التحولات القصوى.
فالنائب فيما كان يصرح لجريدة الوطن كان يصغي ربما لصوت العقل (أقولها بصراحة.. لو كنت أحد الموقعين على طلب لجنة التحقيق ورأيت أن الأولى التنازل عن التوقيع ولجنة التحقيق في سبيل دعم قرار الوزير بخصوص السياحة النظيفة لاخترت سحب التوقيع - جريدة الوطن)، لكن ما إن عقدت المنبر اجتماعها ليلة انعقاد الجلسة تغير الكثير، والمشهد الاحتفالي والحماسي بدأ منذ أن وطأت قدماه مجلس النواب، منذ أن رأى (الفزعة) ومنذ أن رأى سنة الأولين في (خذوهم بالصوت).
سيرى القارئ أيضا تحولات وتناقضاً وربما أكثر من ذلك بكثير في حديث بعض النواب بعد حديث سمو ولي العهد أخيراً لجريدة الأيام، فلقد أسبغ على الحديث طلاوة المشايخ ليس إلا.
فالنائب عبدالحليم مراد مثلاً طالب بـ(محاسبة المسؤولين عن تجاوزات (ربيع الثقافة)؛ لأنهم استهانوا بثوابتنا وأخلاقنا وذهبوا بعيداً في ذلك، وحتى لا تتكرر مجددا تلك التجاوزات غير الأخلاقية) جريدة الوقت 15 مارس/ آذار، في حين يتحدث لجريدة الوطن عكس ذلك، يقول مراد (... فلجنة التحقيق تكون للاستيضاح وتدعم الوزارة المعنية، وهي بعيدة عن النيل من الوزارة، كما أن اللجنة تعزز الموقف) جريدة الوطن 4 أبريل/ نيسان.
أما النواب الآخرون، فالحصانة تحت قبة المجلس أتاحت لهم إهانة شريحة من الشعب - حتى لا نقول الشعب كله كحالتهم- وراحت الألفاظ تتمايل، وتقدح وتذم وتشتم، ولا يمكن لممثلي (الشعب) رمي بيوت الناس بالحجارة بينما بيوت بعض النواب أوهن من بيت العنكبوت، ولا يمكن اهانة الشعب تحت قبة مجلس الشعب باسم الحصانة.
ولتسليط الضوء على مجمل التحاولات، سنطرح الآتي، وهو جزء يسير من مسيرة التناقضات والعبارات المغلوطة:
؟ إن تكرار لفظة (لا اخلاقية) على لسان عدد من النواب وفي مجمل تصريحات لجنة التحقيق.. تعني لفظة (شوارعية) يتم تداولها تحت قبة المجلس، فالأخلاق بخلاف المعتقد، وتوظيف هذه الكلمة بالذات يعني قصوراً في فهم المعنى الأسمى للأخلاق.
؟ (عندما نحقق في الأخلاق يسألوننا.. فلماذا نضع الأخلاق في نهاية الركب (..) فلماذا لا نأتي إلا بزبالة الأخلاق.. النائب ابراهيم بوصندل في جلسة 19 مارس/ آذار):
وهذا الخطاب يعني التفتيش في نوايا الناس والحجر على حرية الضمير، وذلك مخالفة صريحة للدستور، أما الفهم القاصر لدى رئيس اللجنة فهو أن معايير الأخلاق لا تقاس برقصة أو بأغنية، ثم أن تنصيب شخص أو أشخاص لتقييم الأخلاق يعني تدخلاً سافراً ونقضاً لمعاني الدستور.
أما لفظة (زبالة)، فهي تشير إلى سوء مقصود في استخدام الألفاظ وإحالتها إلى أشخاص، وهي لفظة (شوارعية) لا تليق من نائب يمثل الصالح والطالح من المجتمع.
؟ (أوجه خطابي للجمعيات التي أصدرت بيانها ضد موقفنا في التحقيق فأقول لهم: هل ترضون بأن تشاهد مثل هذه الممارسات بناتكم وأمهاتكم وأخواتكم، فإن رضوا فسأخرس. أطالبهم بسطر اعتذار على ما قالوه في حقنا. فنحن نريد أن نعرف من خلال لجنة التحقيق من الذي سمح بعرض هذه الأشياء في البحرين، إنه اتهام سياسي وليس جنائياً.. النائب غانم البوعينين - جلسة 19 مارس/ آذار).
أما رئيس جمعية الأصالة والنائب الأول لرئيس مجلس النواب، فلن يقبل منه أن يتكلم في أعراض الناس، وربما سنطرح السؤال على نحو مختلف: ماذا لو رضي (البنات والأمهات والأخوات) في أن يشاهدوا مثل هذه الممارسات؟ هل بالفعل سيسكت؟ ثم ما الذي يبيح السكوت من عدمه في هذا الشأن.. وماذا يعني أن يخرس إن رضوا؟ هل في (الخرس) مفسدة أخلاقية ما بعدها مفسدة؟ هل من يرضى بذلك يدخل ضمن دائرة (فاسق. إباحي. منتهك للحرمات).. ماذا يعني خرس النائب.. أما وقد صرح أن ذلك الاتهام سياسياً وليس جنائياً، فهذا يعني أن نائبنا قد خانه التعبير، إذ ليس في ما قال أي تعبير أو اتهام سياسي.. إنه اتهام في الأخلاق لا غير.

الوقت
7 ابريل 2007

****

قاسم حداد ثروة وطنية حية ومن حقنا أن نفخر به لا أن نحاكمه
الوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني‮ ‬في‮ ‬اول تصريح لها‮:

في‮ ‬أول تصريح لها حول تشكيل لجنة التحقيق في‮ ‬البرلمان لربيع الثقافة الثاني‮ ‬على خلفية عرض الافتتاح‮ »‬مجنون ليلى‮« ‬قالت الشيخة مي‮ ‬بنت محمد آل خليفة وكيل قطاع الثقافة والتراث الوطني‮ ‬بوزارة الإعلام ان‮ »‬اسما مثل قاسم حداد‮ ‬يعتبر ثروة وطنية حية لأنه حمل اسم البحرين،‮ ‬ومن حقنا أن نفخر به لا أن نُحاكم نصه الأدبي‮« ‬وقالت الشيخة مي‮ ‬خلال مؤتمر صحفي‮ ‬عقد على هامش استضافة البحرين لمعرض الفراعنة إنّ‮ ‬الحراك الثقافي‮ ‬يجعل القائمين على الثقافة في‮ ‬البلد معرضين للهجوم مشيرة إلى أن المعارض والانشطة والفعاليات الثقافية تثير حفيظة البعض وتثير التساؤلات حول الوضع الثقافي‮ ‬في‮ ‬المملكة‮. ‬مضيفة‮ »‬الحديث عن التكلفة في‮ ‬كل مرة‮ ‬يثير الضحك ويثير الأسئلة حول القصد من هذه الضجة‮«‬،‮ ‬مشيرة إلى أنّ‮ »‬النواب الذين‮ ‬يفترض بهم أن‮ ‬يكونوا ممثلين للشعب نراهم‮ ‬يعرضون اسما مثل قاسم للمساءلة والمحاكمة‮«. ‬وقالت الشيخة مي‮ »‬إنّ‮ ‬اليابان قبل فترة كانت تحتفي‮ ‬بأسماء الممثلين والمثقفين بينما في‮ ‬البحرين تكون الثروة الوطنية الحية إما مجهولة أو محاصرة ومقيدة‮«.‬

الايام
12 ابريل 2007

****

الثقافة البحرينية تودّع موسماً عاصفاً

المنامة ــ حسن المصطفى

التظاهرة الغنية والمتنوعة التي تحتضنها المنامة منذ أسابيع، شارفت على نهايتها. مراجعة بانوراميّة لأهم محطات المهرجان الذي لطخته حملات التكفير، منذ عرض الافتتاح «مجنون ليلى»... وصولاً إلى الهجوم على المفكر الجزائري محمد أركون بحجّة «عدم إيمانه بقداسة النص القرآني»

«ربيع الثقافة» الذي ينتهي موسمه الثاني قريباً في المنامة، كان عاصفاً هذا العام. لقد إقترن في الأذهان بعرض «مجنون ليلى» الذي افتتح به الموسم، مطلع الشهر الماضي، ورافقه جدل وصخب. وبلغ الأمر حدّ مطالبة التيار الإسلامي في البرلمان البحريني، بتأليف لجنة تحقيق في ما اعتبره «إخلالاً بالأخلاق العامة» و«خدشاً للحياء» بسبب بعض المشاهد الراقصة ذات الإيحاءات الإيروسية.محمد أركون
لكن برنامج ربيع الثقافة جاء حافلاً بالأعمال والنشاطات المهمّة. يكفي أن نذكر الحفلة التي قدّمتها كاميليا جبران. حملت كاميليا تجربة مختلفة هذه المرة، لكن الجمهور لم يتجاوب كعادته مع هذه الفنّانة المقدسية المميّزة. فالحضور الذي امتلأ به «مركز الشيخ إبراهيم آل خليفة للثقافة والفنون»، انسحب بعضه من الصالة، إذ كان يتوقّع من الفنانة الفلسطينية أن تأخذه إلى القدس ويافا. كاميليا تميّزت بأداء يبرز التمازج بين اللحن والنصوص المغنّاة. الغرابة التي شعر بها الحضور مردّها إلى طريقة كاميليا في انتخاب لحنها، ونطقها الكلمات... فضلاً عن النصوص المختارة التي جاءت نثرية، غنيّة بالأبعاد الوجودية والفلسفية. نصوص لجبران خليل جبران، وبول شاوول، وفاضل العزاوي، وسلمان مصالحة، ضمنتها اسطوانتها الأخيرة «وميض» (2004) التي أنجزتها مع الموسيقي السويسري فرنر هاسلر، وتمثل انعطافة في مسيرتها الفنية. «وميض» تتويج للتغيير الذي بدأته الفنانة أواخر 2002، عندما قدمت عملها «محطات» بعد الانتقال إلى أوروبا، منهيةً بذلك تجربة استمرت سنوات مع فرقة «صابرين» الفلسطينية.
والجمهور الذي صدمته كاميليا، أعجب بغادة شبير، سيّدة الموشح اللبناني التي تفاعل معها بكثير من التأثّر. شبير التي غنّت منفردة كانت تقف للمرّة الأولى على مسرح عربي خارج لبنان، لتقديم موشحاتها... وغنت لعبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ وفيروز، إضافة إلى أغان لبنانية تراثية.غادة شبير
أما الفنّان البحريني خالد الشيخ العائد بعد انقطاع سنوات، فقدّم حفلة موسيقية وجّه خلالها تحيةً إلى قاسم حدّاد. وخاطب وزير الإعلام البحريني محمد عبد الغفار، قائلاً: «لا تعتذر عما فعلت» ليجابه بتصفيق حاد، ويصعد إلى المنصة عدد من ممثلي هيئات المجتمع المدني، في وقفة تضامنية مع حداد وخليفة. ما ميّز حفلة خالد الشيخ، هو مشاركة أسماء شبابية مثل مريم هاشم ويعقوب سعد ومحمد الحمادي وهالة صباغ في التفاتة أبرزت اهتمامه بالجيل الشاب ودفع تجربتهم إلى الصفوف الأمامية.
عروض موسيقية أخرى كان لها نصيبها ضمن المهرجان، لا سيما العرض الذي قدمته فرقة «كركلا» والحفلة التي قدّمها طوني حنا، برفقة الأخوين شحادة، وليلة خاصة بالموسيقى الصوفية الفارسية، أحياها الايراني سالار أغيلي.
أما الشعر، فمسألة أخرى... خصوصاً حين يكون الموعد مع أدونيس. كان لمهيار الدمشقي جمهوره العريض الذي ضاق به بيت «إبراهيم العريض للشعر». قرأ نصوصاً من ديوانيه «أول الجسد آخر البحر» و«تنبأ أيها الأعمى»، مختتماً أمسيته بنصّ مطوّل عن «بابل» تناول فيه عمق المأساة الوجودية في العراق. لكن نصوص أدونيس ـــ برأي كثيرين ـــ لم تقدّم إضافة إلى تجاربه وزياراته السابقة للمنامة. وذهبت في السؤال الوجودي والفلسفي، أكثر من اتكائها على شعرية اللغة. لا يعني هذا التقليل من أهميّة النصوص التي ألقاها أدونيس في ربيع الثقافة، بل القول إن الشعرية كانت بمثابة الوشاح الذي زيّن عمقها الفكري.
المفكّر الجزائري محمد أركون أثار الجدل في محاضرته التي حملت عنوان «قضية الأنسنة في المجتمعات الغربية والإسلامية المعاصرة». خلال المداخلات التي تلت المحاضرة، وجّه له الدكتور منذر عياشي نقداً لاذعاً، واتّهمه بأنه لم يقدم علماً، بل كان إنساناً ايديولوجياً، يبحث عن أنصار ومريدين... وأنه كان الأجدى به أن يحاضر كما يحاضر في الـ «سوربون» في طلبته. وهناك من اعتبر أن أركون يحابي الأنظمة العربية الحاكمة، فيما اتهمه آخرون بأنّه لا يؤمن بقداسة النص القرآني.
كان أركون متشنجاً، ردّ بغضب على المداخلات معتبراً أنّه من المعيب أن يصدر مثل هذا الكلام. ودافع عن نفسه قائلاً إنه يبحث في التاريخ، وفي المقولات التاريخية التي أسّست للأيديولوجيا. وأهم ما أشار إليه أركون هو ما أُنجز في فرنسا، تحت إشرافه مباشرة، من عمل بحثي تاريخي، تناول تاريخ الإسلام في فرنسا، وعلاقة الفرنسيين به في عمل ضخم قارب ألف صفحة.
وعلى الرغم مما يمتلكه محمد أركون من مقدرة على البحث والتحقيق العلميين، فإنّ محاضرته لم تأت بجديد. فقراءة لكتابيه «نزعة الأنسنة في الفكر العربي» و«معارك من أجل الأنسنة» تغني عن كل ما قاله خلال المحاضرة. وعلى رغم مرور فترة طويلة على كتابيه، وتتالي أحداث عالمية مفصلية غيرت كثيراً من المفاهيم، فإن أركون لم يأخذ هذا السياق التاريخي التالي في حديثه وفضل الذهاب إلى القرون السالفة.
النحت والفن التشكيلي كان لهما نصيب في المهرجان. إذ نُظّم «سمبوزيوم البحرين الدولي الثالث للنحت»، وأقيمت معارض فنية لتشكيليين محليين وأجانب من بينهم جعفر العربي وخالد الفرحان، إبراهيم بو سعد، السعودية شادية عالم، والخطاطة الإيرانية جلنار فتحي التي تأجل معرضها مراراً بسبب تأخر السلطات البحرينية في منحها تأشيرة دخول لأسباب أمنية حسب الادعاءات الرسميّة. المهرجان الذي استنفد أكثر فعالياته، احتضن أمس أمسية شعرية لصلاح ستيتية ومعرضاً تشكيلياً للفنان جبر علوان ويختتم بعرض موسيقي لفرقة «برازيل برازيليو».

الاخبار
الاربعاء ١١ نيسان 2007

****

من يخاف ربيع الثقافة؟

من عرض «مجنون ليلى»تنشط كتلة جمعية «الأصالة» الإسلامية النيابية، للمطالبة بتأليف لجنة تحقيق برلمانية، تهدف إلى مساءلة وزير الإعلام البحريني محمد عبد الغفور، عما اعتبرته «ممارسات لا أخلاقية تتصادم مع الدين، ولا سيما الرقصات التي تضمنها عرض مجنون ليلى». ولم تكتف الجمعية بتوجيه النقد للعرض الراقص، بل تجاوزته إلى النص الشعري المغنى للشاعر البحريني قاسم حداد، معتبرةً أنّه حوى «مصادمة صريحة للثوابت التي نصّت عليها الشريعة».
المواجهة المرتقبة برلمانياً مع وزير الإعلام البحريني محمد عبد الغفور، هل تطيح وزيراً اعتُبر حليفاً للإسلاميين، وخصوصاً تيار الإخوان المسلمين، ما قد يؤدي إلى تصدّع هذا التحالف؟ وماذا عن الشاعر قاسم حداد الذي قد يتعرّض لتهمةُ المساس بالمقدسات!

إلا أنّ انتقاد النواب الإسلاميين لا يقتصر على عرض «مجنون ليلى»، بل بلغ حدّ مساءلة عروض أخرى، عبر متابعة ما يقدم، وتسجيل الملاحظات. ويتوقع أن يشمل السؤال الموازنة المالية المخصّصة للمهرجان، إذ إن الإسلاميين سيتخذون منها ذريعة لتوسيع دائرة النقد الموجّه إلى هذا المهرجان.

هذه الملاحقة لكل ما هو ثقافي، تذكّرك بسلوك قمعي، دأب بعض المتشددين في العالم العربي على ممارسته بكل ما أوتوا من قوة. من فلسطين حيث حوصر كتاب «خير يا طير»، والمغرب حيث مُنعت مجلة «نيشان» الفكاهية من الصدور وصولاً إلى السعودية، حيث نشط كثيرون خلال معرض الرياض الدولي للكتاب، لمنع مجموعة من الإصدارات المعروضة، وراحوا يؤجّجون الوضع ويحقنونه إعلامياً، مستغيثين لوقف ما اعتبروه تجاوزات من وزير الإعلام السعودي إياد مدني. غير أن الوزير المدعوم رسمياً لم يصغِ للمتذمّرين، واستمرّ المعرض ليشكّل أحد أنجح المعارض التي نظمت في تاريخ المملكة.
هذا لا يعني توقّف الحصار الثقافي الذي يشتد بطشاً في مجتمعات يخيّم عليها البؤس والكبت والأصولية. أما الحقوق الفكرية والإنسانية التي تُنتهك باسم الدفاع عن الدين، فطويلة جداً... و «ربيع الثقافة» البحريني لم يكن أول الضحايا، فهل يكون آخرها؟...

عدد الاربعاء ١١ نيسان

أقرأ أيضاً: